ابدأ بفهم أن فكرة “يوم الغش” تقوم على التقييد الشديد معظم الوقت ثم السماح بالانغماس في يوم واحد كتعويض.
ورغم أن الفكرة قد تبدو جذابة لأنها تتيح الاستمتاع بالأطعمة المحظورة مؤقتًا، تحذّر أبحاث وخبراء التغذية من أن هذه الأيام غالبًا ما تثمر نتائج عكسية وتعرّض العلاقة مع الطعام للخطر.
في جوهرها، تخلق أيام الغش فصلاً صارمًا بين “أطعمة جيدة” و”أطعمة سيئة”، وتحول تناول الطعام إلى مسألة أخلاقية؛ مما يولد شعورًا بالذنب والعار ويزيد الانشغال بالطعام ويقوّي الرغبات الشديدة.
تشير دراسات اضطرابات الأكل إلى أن التقييد الغذائي، سواء فعليًا أو كمبدأ، يتنبأ بسلوكيات تناول قهري، لأن الجسم يستجيب للحرمان بزيادة الرغبة في التعويض، وهذا ليس فشلاً في الإرادة بل استجابة فسيولوجية طبيعية.
كما تقوّض أيام الغش الثقة بالإشارات الداخلية للجوع والشبع عندما يعتمد الشخص على قواعد خارجية تحدد متى وماذا يأكل، وهذا الفقدان للثقة قد يفاقم مشاكل الأكل ويؤذي الصحة النفسية.
نهج أكثر رحمة
بدلاً من تصنيف الأطعمة ومحاصرتها لأيام محددة، من الأفضل إدماج جميع الأطعمة بشكل معتدل في الروتين اليومي لتقليل جاذبية “المحرمات” وإعادة بناء ثقة الجسم.
أعد إدخال الأطعمة التي كنت تحظرها بخطوات صغيرة ومدروسة، بحيث تكسر دورة التقييد والتعويض دون إثارة رغبات شديدة.
تناول وجبات منتظمة ومتوازنة يساعد في الحفاظ على استقرار الشهية ويقلّل من احتمالات النهم الناتج عن الشعور بالحرمان.
ركّز على الصحة ككل؛ فالجودة الغذائية مهمة، لكن الصحة النفسية والثقة بالجسم جزءان لا يتجزأ من نمط تغذية سليم.
اطرح على نفسك أسئلة لطيفة بدل الحكم الأخلاقي، مثل: هل أشعر بالجوع الآن؟ هل سيكون هذا الطعام مرضيًا لي؟ هل أستمتع به دون شعور بالذنب؟
في النهاية، لا يأتي التوازن من التذبذب بين التقييد والانغماس، بل من الرحمة مع النفس والاتساق والمرونة في العادات اليومية، حيث يمكن أن يجمع كل يوم بين التغذية والرضا.