يُعد الصرع من أشهر الاضطرابات العصبية المزمنة، ويتميّز بحدوث نوبات مفاجئة نتيجة نشاط مفرط وغير مُتحكم فيه في الخلايا العصبية في الدماغ. ورغم وجود أدوية عديدة مضادة للصرع تهدف إلى تنظيم النشاط العصبي، يظل نحو 30% من الحالات مقاومة للعلاج، وهو ما دفع العلماء إلى البحث في آليات جديدة.
ووفقاً لسبوتنيك، أظهرت دراسة أن الخلايا النجمية، وهي خلايا داعمة للخلايا العصبية في الدماغ، تلعب دوراً محورياً في تطور النوبات. وحتى الآن كان دورها غير واضح: هل تزيد فرط النشاط أم تثبطه؟ وللإجابة، أنشأ الباحثون نموذجاً حاسوبياً يجمع بين شبكة عصبية وشبكة خلايا نجمية.
اعتمد النموذج العصبي على معادلات “إيجيكيفيتش” الرياضية التي تحاكي أنماط تنشيط الخلايا العصبية بدقة، بينما اعتمد نموذج الخلايا النجمية على معادلات تشرح تغيّرات أيونات الكالسيوم وجزيئات ثلاثي فوسفات الإينوزيتول المسؤولة عن إشارات هذه الخلايا.
دور الخلايا النجمية في بدء النوبات وانتهائها
النتائج كانت لافتة؛ إذ تبين أن النشاط العصبي العالي أثناء النوبات يزيد من إفراز حمض الغلوتامات الأميني، ما يؤدي إلى تنشيط الخلايا النجمية. وباستجابتها، تُطلق جزيئاً مثبّطاً يوقف انتقال الإشارات المثيرة بين الخلايا العصبية، وهو ما يساعد على إيقاف النوبات تلقائياً.
وقالت سوزانا غوردليفا، رئيسة مركز نيمارك الجامعي للحوسبة العصبية الشكلية: “ضبط النموذج بدقة سمح لنا بتأكيد الدور الحاسم للخلايا النجمية في بدء النوبات العصبية وإنهائها”.
ويرى الباحثون أن تعزيز الوظائف الوقائية للخلايا النجمية قد يمثل مفتاحاً لعلاج الصرع بطرق جديدة أكثر فاعلية. كما يخطط الفريق للتحقق من النتائج عبر بيانات سريرية من مرضى الصرع، لتطوير نظام دعم قرارات طبية قادر على التنبؤ بالنوبات قبل حدوثها.
وعلق حاكم مقاطعة نيجني نوفغورود، غليب نيكيتين، على الاكتشاف قائلاً: “ما كان يُعتبر خيالاً علمياً بالأمس، أصبح اليوم واقعاً بفضل علمائنا. هذه الدراسة دليل على أن أبحاث نيجني نوفغورود يمكن أن تغيّر حياة البشر”.