يُعَد الخرف من أكثر الأمراض تعقيداً وغموضاً في العصر الحديث، وهو لا يقتصر على ضعف الذاكرة بل قد يظهر في أشكال متعددة تؤثر في الشخصية والسلوك واللغة والتخطيط والقدرة على الحركة، مما يجعل الكشف المبكر أمراً حيوياً لبدء العلاج والتعايش مع المرض.

إحدى القصص التي أبرزت العلامات الخفية لهذا المرض جاءت مع الممثل بروس ويليس، الذي شُخِّص بالخرف الجبهي الصدغي. وصفت زوجته إيما في كتابها كيف ظهرت تغيّرات دقيقة في شخصيته وسلوكه، مثل التلعثم في الكلام وتجاهل العائلة، وهي إشارات دفعتها إلى القلق والبحث عن الأسباب.

الخرف الجبهي الصدغي

ينتج الخرف الجبهي الصدغي عن تراكم بروتينات ضارة في الفصين الأمامي والصدغي للمخ، ما يؤدي إلى تغيّرات في الشخصية والسلوك واللغة والقدرة على التخطيط، وهي أعراض قد تسبق فقدان الذاكرة بفترة طويلة.

أهمية التشخيص المبكر

يؤكد البروفسور جوناثان شوت أن الخرف لا يقتصر على الذاكرة فحسب؛ بل قد تظهر مشكلات في الرؤية أو السلوك كعلامات أولية، ولا بد من الانتباه إلى أن التغيرات الدماغية تبدأ سنوات قبل ظهور الأعراض.

التشخيص المبكر يفتح الباب أمام مسارات علاجية جديدة، ومن المتوقع أن يُستخدم قريباً فحص دم متطور يُعرف باسم بلازما p-tau217 لاكتشاف بروتينات مرتبطة بالزهايمر، وهو ما قد يحدث ثورة في طرائق التشخيص وتقييم الحالات.

علامات غير تقليدية للخرف

تغير عادات الأكل قد يظهر بميل إلى تجربة أطعمة جديدة أو النفور من أطعمة معتادة مع رغبة شديدة في تناول السكريات، وهو ملاحظ بشكل خاص لدى المصابين بالخرف الجبهي الصدغي.

الأحلام المزعجة والمكثفة قد تكون مؤشراً على تدهور القدرات المعرفية، حيث تظهر أحلام عنيفة أو مليئة بالحركة في بعض الحالات.

سلوكيات غير مألوفة مثل تناول الطعام من طبق الآخرين أو ارتداء ملابس غير مناسبة للموقف قد تشير إلى بدء الخرف في مراحله المبكرة.

فقدان التعاطف أو فقدان حس الدعابة يمكن أن يكونا من العلامات المبكرة للخرف الجبهي الصدغي.

مشاكل في الرؤية كصعوبة تحديد موقع الأشياء أو إدراك العمق قد تزيد من مخاطر السقوط أو الاصطدام.

الهلوسة البصرية تظهر في بعض أنواع الخرف مثل خرف أجسام ليوي، وتتمثل عادة في صور أو أشخاص صغيرين الحجم.

مشاكل اللغة تشمل صعوبة اختيار الكلمات المناسبة أو فهم المعنى، وقد يتفاقم فقدان القدرة على الكلام مع تطور المرض.

التفرقة بين النسيان العادي والخرف

يشدد الأطباء على أن بعض هذه العلامات قد تكون لأسباب أخرى مثل قلة النوم أو الاكتئاب، لذا يجب تقييمها بدقة وعدم التسرع في الحكم. كما يساعد مقارنة الأعراض مع ما يظهر لدى أشخاص من العمر نفسه وملاحظات العائلة في كشف الفرق.

متى يجب طلب المساعدة؟

عند ظهور هذه العلامات أو ملاحظتها لدى أحد أفراد العائلة، يُنصح بزيارة الطبيب لتقييم الحالة.

يُصيب الخرف في بريطانيا نحو 944 ألف شخص، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد المليون بحلول عام 2030. ورغم أن العلاج النهائي لا يزال بعيداً، يبقى الوعي المبكر بالعلامات أملاً أساسياً في إدارة المرض وتخفيف آثاره على المرضى وأسرهم.