أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنها ستضع ملصق تحذير جديد على عبوات الأسيتامينوفين يشير إلى وجود احتمال ارتباط استخدامه أثناء الحمل بزيادة مخاطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد، وذلك في إطار تحديثات مستمرة للمعلومات المرافقة للدواء لضمان وعي المستهلكين بالمخاطر والفوائد معاً.
ما هو الباراسيتامول وعلاقته بالتايلينول؟
يُعرف الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول بأنه أحد أكثر الأدوية استخداماً لتخفيف الألم وخفض الحمى على مستوى العالم. في أوروبا وأستراليا والهند يُطلق عليه باراسيتامول، بينما يباع في الولايات المتحدة تحت الاسم التجاري تايلينول، وهو الدواء الأكثر شيوعاً بين النساء الحوامل. وتقدَّر نسبة استخدامه من قبل نحو نصف النساء الحوامل حول العالم خلال فترة الحمل.
ما الذي تقوله التحذيرات الجديدة؟
يعمل المسؤولون في FDA على وضع ملصق يحذر من وجود صلة محتملة بين استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل وزيادة احتمال إصابة الأطفال لاحقاً باضطراب طيف التوحد؛ وترافق ذلك مع حديث من جهة سياسية حول أن استخدام تايلينول للحوامل قد لا يكون مفيداً، مع الدعوة لتجنبه إلا في حالات الحمى الشديدة. بينما يؤكد خبراء الصحة أن الأدلة حتى الآن ليست قاطعة، وأن من المهم عدم إثارة قلق غير مبرر بين الأمهات الحوامل.
ما هو التوحد؟
يعرّف اضطراب طيف التوحد بأنه اضطراب نمائي عصبي يظهر في مرحلة مبكرة من الحياة، ويتميز بصعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل، إضافة إلى أنماط سلوكية متكررة أو مقيدة. كما أظهرت الإحصاءات ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التشخيص خلال العقود الأخيرة في العديد من الدول، ما أثار تساؤلات حول الأسباب والعوامل البيئية المحتملة.
جدل علمي بين الدراسات
رُصدت نتائج دراسات متباينة حول العلاقة بين الأسيتامينوفين والتوحد. ففي 2008 أشارت دراسة إلى وجود ارتباط محتمل بين استخدام الأسيتامينوفين لدى الرضّع الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 شهراً وزيادة احتمالية الإصابة بالتوحد لاحقاً، لكن النتائج لم تكن قاطعة. وفي 2019 وجدت دراسة أُجريت في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة علاقة محتملة بين التعرض للأسيتامينوفين قبل الولادة وخطر الإصابة بالتوحد، إلا أنها اعتمدت بيانات رصدية لا تثبت علاقة سببية مباشرة. وفي 2024 جاءت إحدى أكبر الدراسات حيث حللت سجلات 2.5 مليون طفل في السويد على مدار 25 عاماً، وخلصت إلى عدم وجود زيادة في خطر الإصابة بالتوحد بين الأطفال إذا تناولت أمهاتهم الباراسيتامول أثناء الحمل مقارنة بإخوتهم الذين لم تتناول أمهاتهم الدواء، مع أخذ العوامل الوراثية والبيئية المرتبطة بالأسرة في الاعتبار.
رأى خبراء الصحة
مع بروز الجدل الإعلامي، أكد خبراء الصحة أن الباراسيتامول لا يزال الخيار الأكثر أماناً للحوامل مقارنة ببدائل مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي قد تحمل مخاطر خلال الحمل. وأوضح مسؤولو الصحة في المملكة المتحدة أن الدواء ما زال آمناً عند استخدامه بالجرعات الموصى بها ولأقصر فترة ممكنة، مع الحذر من الاعتماد على بدائل أخرى دون استشارة الطبيب.
ما الذي يجب على الأمهات الحوامل معرفته؟
ينصح بتناول أقل جرعة فعالة من الباراسيتامول عند الحاجة، وتجنب الاستخدام المستمر أو اليومي دون استشارة الطبيب، كما لا ينصح باستخدام بدائل مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية خلال الحمل إلا إذا أوصى الطبيب بذلك. من المهم دائماً استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء خلال الحمل لضمان سلامة الأم والجنين.