فلسفة دبي للتجارة الحرة
شهد ملتقى محمد بن راشد للقادة جلسة حوارية بعنوان «فلسفة التجارة الحرة في دبي» جمعت عبدالعزيز الغرير رئيس مجلس إدارة مجموعة الغرير للاستثمار والمؤسس عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة إعمار العقارية محمد علي العبار.
خرجت الجلسة عن الإطار التقليدي لعرض قصص النجاح، وقدمت رؤية معمقة لجذور الفكر الاقتصادي التي حوّلت دبي إلى مركز عالمي للتجارة والاقتصاد والأعمال.
سلّطت الجلسة الضوء على المفهوم المتفرد للتجارة في دبي، حيث أكدت أن التجارة ليست مجرد مهنة بل روح تُورّث ونهج متأصل في النفوس يتناقله الجميع في الأزقة والمجالس وفي تفاصيل الحياة.
ولفتت إلى أن المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بنى ميناء بلا بضاعة، وأن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، رسّخ مفهوم «الريادة لا التكرار» وقد أسسا لمفهوم جديد للسوق لا يحكمه قوانين العرض والطلب فقط، بل يصنعه الشجاعة والجرأة والرؤية الاستباقية.
وتناولت الجلسة محاور رئيسة ضمن «فلسفة دبي للتجارة الحرة» شملت: دبي وجُرأة القرار التجاري، بناء جيل جديد من التجار، تحولات السوق والتحديات المقبلة، التكنولوجيا والعولمة وإعادة تعريف السوق، مستقبل التجارة والشركات العائلية ودورها في رؤية دبي.
وتحدث الغرير عن دور قيادة دبي ورؤيتها الاستثنائية في ترسيخ منظومة متكاملة مكّنت الأسس التجارية القوية في الإمارة على المستويين الإقليمي والدولي، مؤكداً أن نهج دبي الاقتصادي اليوم قام على أساس الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، حيث كانت اللقاءات المستمرة مع التجار بمثابة بوصلة لتشكيل التوجهات والمشاريع الاستراتيجية وتعرّف احتياجاتهم ومتطلباتهم ورؤيتهم.
وشدد الغرير على أن استدامة الشركات العائلية في دبي نتاج فلسفة حكيمة من قيادة دبي التي آمنت بدور هذه المجموعات كركيزة أساسية للاقتصاد، فالشركات العائلية تشكل تاريخ التجارة في دبي وتُعد جزءاً من النسيج الاجتماعي والثقافي للإمارة، وتلقى دعماً وتوجيهاً من الحكومة، وتحصّنت بمنظومة تشريعية مكنت نموها والتعامل مع التحولات الكبرى والانتقال من جيل إلى جيل بسلاسة وقوة.
وفي معرض حديثه عن القرارات الجريئة لقيادة دبي، استعرض الغرير قرار التملك الحر، مشيراً إلى أنه شكّل نقلة نوعية وجذب استثمارات أجنبية وفتح آفاقاً جديدة للنمو.
وأوضح كذلك أن مدن الإنترنت والإعلام شكلت نقلة نوعية في قوة اقتصاد دبي، حيث أوجدت بيئات للإبداع والابتكار ميزت دبي عن غيرها من المدن وعززت جاذبيتها للأعمال والشركات الكبرى والمواهب.
وقال إن العالم يشهد تحولات وتحديات على مستوى التجارة والأسواق، حيث أعادت التكنولوجيا والعولمة تعريف مفهوم السوق بشكل كامل، والشركات التي لا تواكب هذه التحولات ستجد نفسها خارج المنافسة، لذلك تبرز أهمية بناء جيل جديد من التجار يمتلكون المعرفة التكنولوجية والقدرة على التكيّف مع التغيّرات السريعة.
بدوره أشار محمد علي العبار إلى قصة الإنشاء المبكر لـ«إعمار» وآلية القيادة في البدايات، مؤكداً أنها استلهمت من رؤية قيادة دبي الشجاعة والإيمان بالقدرة على تحقيق المستحيل والعمل بروح الفريق الواحد، والإيمان بأن كل قرار يخدم رؤية دبي الكبرى.
وقال: لم نكن نخاف من التجربة، بل كنا نعتبرها فرصة للتعلم والتطور، وهذا ما مكن إعمار من أن تصبح علامة فارقة في قطاع التطوير العقاري على المستوى العالمي.
وأشار إلى أن القطاع العقاري في دبي في التسعينات لم يكن بالشكل الذي نعرفه اليوم، حيث كانت التحديات هائلة وردود الفعل متباينة، لكن رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كانت واضحة وتوجيهنا جميعاً ليكون دبي الأفضل في كل القطاعات.
وفي معرض حديثه عن عبور أزمة 2008، أكد العبار أن مفاتيح القيادة والحوكمة التي مكنت اقتصاد دبي من معاكسة الاتجاه العالمي ومواصلة مسيرته كانت انعكاساً لفلسفة القيادة الحكيمة التي رسخت مبكراً ركائز قوية للتعامل مع مختلف الظروف والتحديات بمرونة وكفاءة، مشيراً إلى أن تجاوز دبي للأزمة بأمان وتحويل تحدياتها إلى فرص كان درساً عالمياً في إدارة المخاطر والاعتماد على التنويع الاقتصادي والمرونة في اتخاذ القرارات الصعبة.
وتطرق العبار إلى أثر مشاريع السياحة والتسوق والقطاعات الجديدة في مسيرة إعمار وفي اقتصاد دبي، مشيراً إلى أن هذه المشاريع تعد محركات نمو جديدة تغذي المنظومة الاقتصادية بأكملها، وتضيف وجهات متنوعة تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم وتخلق فرصاً اقتصادية جديدة لآلاف الشركات والأفراد.
وفي ختام الجلسة، أكد المتحدثان أن مستقبل التجارة في دبي ومختلف القطاعات الاقتصادية فيها يمتلك اليوم آفاقاً أوسع وتوفر فرصاً هائلة للجميع، ودعوا إلى استلهام دروس الماضي والاستفادة من فلسفة القيادة التي شكلت دبي وقوة اقتصادها لمواجهة تحديات المستقبل وتحقيق المزيد من الإنجازات التي ترسخ مكانة الإمارة عاصمة عالمية للاقتصاد والتجارة والأعمال.
قال عبدالعزيز الغرير: نهج دبي الاقتصادي بُني على أساس الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، وكانت اللقاءات مع التجار بوصلة للتوجهات الاستراتيجية.
قال محمد العبار: رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمام التحديات كانت واضحة وكانت بوصلتنا جميعاً لتكون دبي الأفضل في كل القطاعات.