إعلان

    دور الهيدروجين في التحول العالمي للطاقة

    توضح الدراسات أن الهيدروجين يمثل ناقلًا مرنًا للطاقة يسهم في التحول نحو طاقة نظيفة عبر استخدامه كبديل للوقود الأحفوري في النقل وتخزين الطاقة والصناعات الثقيلة، وهو ما يساعد على إزالة الكربون وتوفير فرص اقتصادية وتنموية كبيرة، مع الإشارة إلى أن الهيدروجين ليس مصدرًا مباشرًا للطاقة بل أداة نقل ويمتلك قدرة عالية على التخزين ونقل الطاقة لمسافات طويلة.

    توضح التحليلات أن قيمة السوق العالمية للهيدروجين بلغت نحو 230.61 مليار دولار في عام 2024، وتستهدف الوصول إلى نحو 1.66 تريليون دولار بحلول عام 2050، بينما ارتفع الإنتاج العالمي من 90.2 مليون طن في 2020 إلى 97.3 مليون طن في 2023 بنسبة 7.9%، ومن المتوقع أن يصل إلى 148.6 مليون طن في 2030.

    إعلان

    تشير النتائج إلى أن الطلب العالمي على الهيدروجين بلغ 97 مليون طن في 2023، بارتفاع قدره 2.5% مقارنةً بعام 2022، ويركز بشكل أساسي في مجالي التكرير والصناعات الكيميائية، مع اعتماد رئيسي على الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري.

    أنواع الهيدروجين وطرق إنتاجه

    الهيدروجين الرمادي يُعد الأكثر استخدامًا، ويُنتج غالبًا من الغاز الطبيعي أو غاز الميثان عبر تقنية إصلاح البخار، وهو يسبب انبعاثات مرتفعة لعدم استعادة كل الغازات الناتجة.

    الهيدروجين الأسود أو البني يُنتَجان من الفحم الأسود أو الفحم البني وتكون انبعاثاته عالية لأنها لا تتضمن احتجازًا للكربون خلال الإنتاج.

    الهيدروجين الأزرق يُنتج من إصلاح البخار مع احتجاز وتخزين الكربون باستخدام تقنيات CCS، وهو أقرب إلى محايد للكربون ولكنه قد يفقد جزءًا من الكربون المحتجز بمقدار 10% إلى 20% أحيانًا.

    الهيدروجين الأخضر يُعتبر الأكثر أهمية من منظور الاستدامة، ويُنتج من الماء عبر التحليل الكهربائي باستخدام فائض الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء اللازمة للفصل.

    الهيدروجين الفيروزي يُنتج عبر التحلل الحراري لغاز الميثان، وينتج عنه كربون صلب ويُستخدم في مجالات مثل صناعة الإطارات وتحسين التربة، وهو لا يزال في طور التجريب والتطوير.

    الهيدروجين الوردي يشبه الأخضر في طريقة الإنتاج عبر التحليل الكهربائي للماء، لكن الطاقة المستخدمة مصدرها مفاعلات نووية؛ كما يمكن استخدام درجات الحرارة الناتجة عن المفاعلات النووية لتوليد بخار يحسن كفاءة التحليل الكهربائي.

    الهيدروجين الأصفر يُنتَج من خلال التحليل الكهربائي للماء باستخدام الطاقة الشمسية.

    الهيدروجين من الكتلة الحيوية يُنتج من الكتلة الحيوية مثل النفايات العضوية أو الزراعية، وتختلف الانبعاثات وفق نوع الكتلة الحيوية وتقنيات احتجاز الكربون، ما يجعلها أقل عادة من الهيدروجين الأسود أو الرمادي.

    ولا يعد الهيدروجين مصدرًا مباشرًا للطاقة، بل ناقلًا لها يعمل على تسريع التحول في قطاع الطاقة، وتعود فكرته كناقـل للطاقة إلى أزمة النفط في السبعينيات، حيث ظهر كحل بديل للوقود التقليدي، ثم عاد الاهتمام به في تسعينيات القرن العشرين عبر مشروعات اليابان مثل برنامج World Energy Network (WE-NET) لتحقيق شبكة طاقة عالمية توفر وتستخدم الطاقة المتجددة باستخدام الهيدروجين بشكل فعال.

    ثم شهدت الألفية انتعاشًا جديدًا مدفوعًا بتوجهات خفض الانبعاثات، حيث تم إعادة تقييم دور الهيدروجين مع تركيز أقوى على الاستدامة البيئية وإزالة الكربون من أنظمة الطاقة، ويمكن للهيدروجين المتجدد أن يسهم بشكل كبير في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تحويلها إلى أنظمة تعتمد على الكهرباء، كما أنه يحل مشكلة تقطع الطاقة المتجددة عبر التخزين على مدى واسع ونقل لمسافات طويلة.

    وتتمثل مشتقات الهيدروجين المتجددة في الأمونيا المتجددة التي تُنتج من الهيدروجين الأخضر والنيتروجين المستخرج من الهواء وتستخدم كوقود نظيف أو ناقل للهيدروجين أو مادة خام في صناعة الأسمدة، وفي الميثانول المتجدد (الإلكتروني أو الأخضر) الذي يُصنع من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون المستخلص من مصادر حيوية أو الملتقط من الهواء، ويُستخدم كمادة خام للكيماويات أو كوقود نظيف في النقل البحري أو كأساس لإنتاج وقود الطائرات، كما يُنتج الوقود الاصطناعي أو الإلكتروني (Synfuels or e-fuels) من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون، ويمكن استخدامه مباشرة في محركات الاحتراق الداخلي أو التوربينات.

    أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن للهيدروجين أدوارًا متعددة في عملية التحول الطاقي، ومع ذلك يواجه تطبيقه توسعًا بتحديات تعتمد على تعزيز سلاسل القيمة، وتكاليف الإنتاج، وغياب معايير وشهادات موثوقة، وتحديد مشترين ومستويين للسعر، إلى جانب الاعتماد الحالي على الهيدروجين الناتج من الوقود الأحفوري، وهو ما يدفع إلى تسريع التحول نحو الهيدروجين الأخضر لضمان التوافق مع أهداف الصفرية البيئية.

    التحديات والفرص المستقبلية

    تواجه سلاسل قيمة الهيدروجين تعقيدات مع وجود حالة من عدم اليقين بشأن ظهور استخدامات جديدة قد تغير من حجم الطلب المستقبلي، كما ترتفع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنةً بالهيدروجين الرمادي، حيث تبلغ تكلفة الإنتاج بين 4 و5 دولارات لكل كيلوجرام، وهو ما يعادل ضعفًا إلى ثلاث أضعاف تكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي أو الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي والمدعوم بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

    وتتعرض الاستثمارات للمخاطر نتيجة غياب ضمانات كافية بوجود مشترين فعليين مستعدين لدفع أسعار مرتفعة مقابل المنتجات الخضراء، كما تعيق صعوبة التمييز بين الهيدروجين الأخضر النظيف والهيدروجين الرمادي وجود أنظمة معيارية وآليات موثوقة لإصدار شهادات الجودة والاستدامة البيئية، مما يؤثر في اتخاذ القرار لدى المستثمرين والعملاء على حد سواء.

    ويُظهر الاعتماد على الهيدروجين الناتج من الوقود الأحفوري تناقضًا صريحًا مع هدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، إذ بلغ إجمالي الإنتاج العالمي للهيدروجين في 2023 نحو 97.3 مليون طن، منها 81.4 مليون طن (83.7%) منتج من الوقود الأحفوري دون CCS، في حين جاء الهيدروجين الناتج كمنتج ثانوي في المرتبة الثانية بمقدار 15.3 مليون طن (15.7%)، ما يبرز الحاجة الماسة إلى تسريع التحول إلى الهيدروجين الأخضر المعتمد على الطاقة المتجددة لضمان توافق الصناعة مع أهداف الحياد الكربوني.

    الفرص المستقبلية وتوجهاتها

    تؤكد التوجهات العالمية نحو تعزيز إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات أن الحكومات اتخذت خطوات واسعة من خلال استراتيجيات وطنية خاصة بالهيدروجين، وبحلول سبتمبر 2024 أُعلنت استراتيجيات لهذا الملف في 58 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ومجموعة غرب إفريقيا، وتستخدم السياسات القائمة أدوات مثل المنح والقروض والإعفاءات الضريبية، كما أشارت شركة McKinsey & Company في 2 أكتوبر 2024 إلى وجود أكثر من 1400 مشروع هيدروجيني واسع النطاق بقيمة تصل إلى 570 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة حتى ديسمبر 2023.

    وتتزايد أهمية استخدام الهيدروجين المنتج من مصادر الطاقة المتجددة في قطاعات متعددة لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات، وتوقعت McKinsey & Company أن يمثل الهيدروجين المنتج من مصادر متجددة نحو 75% إلى 90% من الإجمالي بحلول عام 2050، كما تتوقع أن تستحوذ صناعة الصلب المعتمدة على الهيدروجين على نحو 20% من الانبعاثات التي يمكن تجنبها بحلول 2030، وأن يستحوذ قطاع الطيران على نحو 15% من الطلب على الطاقة القائمة على الهيدروجين بحلول 2050.

    وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة تغيرًا في هيكل إنتاج الهيدروجين العالمي، حيث من المتوقع انخفاض حصة الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري دون احتجاز كربون إلى 46.6% من الإجمالي في 2030، مقابل 83.7% في 2023، وتزداد نسبة الهيدروجين المنتج من الكهرباء والوقود الحيوي إلى 33.2% في 2030 مقارنة بـ 0.1% في 2023.

    يؤكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن الهيدروجين سيظل أحد أركان التحول العالمي للطاقة، خاصة مع تزايد الاعتماد عليه في قطاعات متعددة، لكن نجاحه المستدام يتطلب تعزيز التعاون الدولي لوضع معايير مشتركة للجودة والاستدامة البيئية وتمويل مشاريع دولية كبرى وتكثيف الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين كفاءة التخزين والنقل.

    إعلان
    شاركها.
    اترك تعليقاً