نجح باحثون في إنتاج مسكن الألم اليومي، الباراسيتامول، عن طريق تغذية بكتيريا شائعة بجزيء مشتق من البلاستيك.
يقول البروفيسور ستيفن والاس، أستاذ التكنولوجيا الحيوية الكيميائية في جامعة إدنبرة، إن الإشريكية القولونية هي الحصان العامل الرئيسي في هذا المجال وفقاً لـ بي بي سي. كما أشار إلى أن والاس قام أيضاً بتعديل البكتيريا وراثياً في المختبر لتحويل النفايات البلاستيكية إلى نكهة الفانيليا، وتحويل نفايات الدهون من المجاري إلى عطر.
ولا يقتصر استخدام الميكروب على المختبرات فحسب. ففي المجال الصناعي، تعمل أحواض الإشريكية القولونية المعدلة وراثياً كمصانع حية تُنتج مجموعة متنوعة من المنتجات، بدءاً من أدوية مثل الأنسولين الضروري لإدارة مرض السكري، وصولاً إلى مواد كيميائية أساسية تستخدم في إنتاج الوقود والمذيبات.
يقول توماس سيلهافي، أستاذ علم الأحياء الجزيئي في جامعة برينستون، الذي أجرى دراسات على البكتيريا لنحو 50 عاماً وقام بتوثيق تاريخها، إن هيمنة الإشريكية القولونية تعود إلى دورها ككائن نموذجي لفهم المبادئ البيولوجية العامة.
ومن بين الكائنات الحية النموذجية المألوفة الأخرى الفئران وذباب الفاكهة وخميرة الخباز، التي أصبحت أداة قيّمة في التكنولوجيا الحيوية، سواءً في المختبرات أو في الصناعة، إلا أن بنية الخلية لديها أكثر تعقيداً وتطبيقاتها أوسع.
سجل تاريخي كبير للإشريكية القولونية
اكتشفت الإشريكية عام 1885 على يد ثيودور إيشريش، وأصبحت من أهم الكائنات النموذجية في علم الأحياء بسبب سهولة زراعتها وسرعة نموها. ففي أربعينيات القرن العشرين، قادت سلالة K-12 لاكتشاف “الجنس البكتيري”، مما رسخ مكانتها كأداة أساسية في علم الوراثة، ولاحقاً لعبت دوراً محورياً في فك الشفرة الوراثية، وأصبحت أول كائن مُعدّل وراثياً في السبعينيات، وهو ما مهد الطريق للتكنولوجيا الحيوية.
كان أبرز إنجازاتها إنتاج أول إنسولين بشري صناعي عام 1978، لتحدث ثورة في علاج مرض السكري. وفي 1997، كان جينومها من أواخر ما تم تسلسله بالكامل، ما عزز قيمتها البحثية. ويثني العلماء على قدرتها في استضافة الحمض النووي الغريب، وتكيّفها، وسهولة حفظها وإعادة إحيائها، مما جعلها أساساً في الأبحاث والصناعة الحيوية.
رغم ذلك، يحذر بعض الباحثين من الاعتماد المفرط عليها فقد يحد ذلك من استكشاف ميكروبات أخرى قد تقدم حلولاً طبيعية أكثر كفاءة، مثل Vibrio natriegens التي تتميز بنمو أسرع وقدرة عالية على استيعاب DNA، إلا أن أدواتها الجينية لم تكتمل بعد، ما يجعل استبدال الإشريكية القولونية أمراً صعباً.