تؤكد الأبحاث الحديثة في علم الأعصاب أن بعض الأنشطة قادرة على إعادة برمجة الدماغ وتغيير بنيته ووظائفه بشكل عميق، ولا يقتصر أثرها على تحسين المظهر أو اللياقة بل تعزز أيضًا قدرات الدماغ الإدراكية.
يترافق إفراز الإندورفين مع الحركة، وهو الهرمون المسؤول عن السعادة وتقليل التوتر. لكن الأمر لا يقتصر عليه، فهذه الحركات تعيد تشكيل عقولنا، وعلى مدى الزمن أظهرت الأبحاث أن الأنشطة المعقدة التي تتطلب تركيزًا وتفاعلًا اجتماعيًا، مثل الرقص وكرة القدم والفنون القتالية، تمثل تحديًا أكبر للدماغ من التمارين التقليدية كالجري أو رفع الأثقال.
لماذا الرقص والفنون القتالية والرياضات الجماعية؟
تجمع هذه الأنشطة بين التعلم والحركة والتفاعل الاجتماعي، ما يخلق بيئة غنية ومحفزة للدماغ.
تتطلب من الممارس الالتزام بالإيقاع والتوقيت وتعلم تقنيات جديدة باستمرار والتكيف مع المواقف والتفاعل مع الآخرين في بيئة جماعية وتنظيم المشاعر والتركيز الذهني لمواجهة مواقف غير مألوفة.
يعزز ذلك الدماغ من خلال مزيج من التحديات الجسدية والعقلية التي يمنحه مرونة أعلى وتُسهم في تحسين التركيز والوعي المكاني والتوازن العاطفي.
تغييرات ملموسة في الدماغ
تشير الدراسات إلى أن النشاط الحركي المعرفي المتكرر، كما في الرقص والفنون القتالية، يعزز صحة المادة البيضاء في الدماغ ويرفع من مستوى الاتصالات الوظيفية بين المناطق العصبية المختلفة كما يساعد على زيادة سماكة القشرة الدماغية، وهذا الارتفاع يرتبط بتحسين الانتباه والذاكرة والقدرة على اتخاذ القرارات.
التحديات والقيود
يبقى التحدي في مدى استمرار هذه التأثيرات عند التوقف عن التدريب، كما تختلف الاستجابة من شخص لآخر حسب نوع النشاط وطريقة ممارسته.
يركز البحث في جانب التغذية العصبية المشتقة من الدماغ (BDNF)، فيما قد تلعب مؤشرات عصبية أخرى أو مواد كيميائية التهابية دوراً لم يُدرس بشكل كافٍ بعد.