تنبه الدراسات إلى أن الوحدة ليست مجرد مشكلة شخصية، بل قد تتحول إلى خطر صحي عالمي. تُشير الأبحاث إلى أن الوحدة المزمنة قد تزيد من خطر الوفاة المبكرة بنحو 30 في المئة، وهو تأثير صحي يقارن بتدخين نحو 15 سيجارة يوميًا. كما تؤثر الوحدة في الصحة العامة وتفاقم مشاكل صحية ونفسية متعددة، وتؤثر في جودة الحياة بشكل عام. وتتزايد هذه المخاطر مع مدة الشعور بالوحدة وتكراره بين الناس في مختلف الدول.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن جائحة كورونا ساهمت في تقويض التفاعلات الاجتماعية وتزايد مستويات الوحدة، وما يزال أثرها قائمًا حتى اليوم. ويشير خبراء الصحة النفسية إلى أن القلق والاكتئاب أصبحا منتشرَين، لكن كثيرين يواجهون صعوبات في طلب المساعدة. كما ينتقد الأطباء أن وسائل التواصل الاجتماعي تشجع الكثيرين، وبخاصة الشباب، على التواصل الرقمي بدلاً من اللقاءات الشخصية.

ما هي الوحدة؟

الوحدة شعور إنساني عالمي، معقد وفريد من نوعه لكل شخص. ولأنها لا تعود إلى سبب واحد ثابت، يختلف فهمها وطرق الوقاية منها وعلاجها بين الحالات. ترتبط الوحدة بالعزلة الاجتماعية وضعف المهارات الاجتماعية والانطواء والاكتئاب، كما قد تظهر لدى طالب جامعي يشعر بالوحدة رغم وجود زملاء حوله.

ليس من الضروري أن تكون وحيدًا جسديًا كي تشعر بالوحدة. قد يشعر الفرد بانتماء إلى من حوله ولكنه يحس بالافتقاد والعزلة. هذا الشعور يؤثر في صحتك النفسية ويستدعي اليقظة واتخاذ خطوات المواجهة.

المخاطر الصحية المرتبطة بالوحدة

تترتب على الوحدة آثار واسعة على الصحة البدنية والعقلية. ومنها زيادة مخاطر تعاطي الكحول والمخدرات وتغيرات في وظائف الدماغ وتطور أمراض مثل الزهايمر. كما ترتبط الوحدة بسلوكيات مضرة بالصحة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية وتراجع الذاكرة والتعلم، والاكتئاب والانتحار، وتزايد التوتر واتخاذ قرارات غير صحية.

وتؤدي هذه الآثار إلى ضعف الأداء اليومي وتراجع جودة الحياة، كما قد تزيد من صعوبة اتخاذ قرارات صحية. كما يستدعي الأمر رصد علامات الوحدة مبكرًا والبحث عن الدعم اللازم. وتكمن أهمية التدخل المبكر في تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالشعور بالوحدة.

كيف نمنع الشعور بالوحدة ونتغلب عليه؟

يؤكد الخبراء أن التغلب على الوحدة يحتاج إلى جهود واعية وتغيير في أسلوب الحياة اليومي. تشجع المشاركة في نشاط مجتمعي يستهويك، فهو يوفر فرصًا للقاء أشخاص وتكوين صداقات وتفاعلات اجتماعية جديدة. كما ينبغي التفكير في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وتفادي توقعات سلبية من الآخرين.

توقع الأفضل

يشير الخبراء إلى أن من يعانون الوحدة غالبًا ما يتوقعون رفض الآخرين، لذا يجب عليهم التركيز على الأفكار والظروف الإيجابية في علاقاتهم الاجتماعية. كما يعزز بناء علاقات داعمة مع أشخاص يشاركونك الاهتمامات والقيم هذا التوجه. هذه الاستراتيجيات تساهم في تقليل التوتر وتسهيل بناء روابط جديدة.

تطوير علاقات ذات جودة عالية

اعثر على أشخاص يشاركونك الاهتمامات والقيم وتواصل معهم بشكل دوري لبناء علاقات ذات جودة عالية. يمكن أن تكون اللقاءات عبر نشاطات جماعية أو تطوع أو الانخراط في نادي يهمك. النتيجة هي بيئة اجتماعية داعمة تشاركك الإحساس بالانتماء وتقلل من شعور الوحدة.

فهم آثار الوحدة

فهم آثار الوحدة يساعد في اكتشاف العلامات المبكرة والتدخل قبل تفاقم المشكلة. تشمل هذه العلامات توترًا مستمرًا، قلقًا، تعبًا، وتغيّر المزاج واضطرابات النوم. فهمها يمهد لاختيار استراتيجيات الدعم المناسبة والدفع نحو الاستفادة من الموارد المتاحة.

تعزيز العلاقات الحالية

يمكن أن تكون العلاقات القائمة مصدر دعم قوي إذا تم تعزيزها. ابدأ بإعادة التواصل مع صديق أو أحد أفراد العائلة كان لك حديث معهم من قبل وخطط لخطوات بسيطة لإعادة إحياءها. هذه الخطوات غالبًا ما تكون أكثر فاعلية من البحث المستمر عن علاقات جديدة.

تحدث إلى صديق أو فرد من العائلة موثوق به

من المهم الحديث مع شخص موثوق به في حياتك عن مشاعرك، فقد يكون هذا الشخص من العائلة أو صديقًا قريبًا. كما يمكنك أيضًا استشارة الطبيب أو المعالج النفسي للحصول على دعم مهني مناسب. اعتمد على شبكة دعم مبنية على الثقة والاحترام لتلقي المساندة اللازمة في مواجهة الشعور بالوحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً