استضافت جمهورية مصر العربية الدورة التاسعة من مؤتمر البنوك المركزية الأورومتوسطية، الذي عُقد تحت عنوان «توظيف الابتكار والتكامل من أجل التنمية المستدامة والشاملة للدول الأورومتوسطية» بمشاركة محافظي البنوك المركزية للدول الأورومتوسطية وصناع السياسات وخبراء اقتصاديين وأكاديميين وممثلي المؤسسات المالية الدولية. نظّم المؤتمر بالتعاون مع البنك المركزي الإسباني ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط والاتحاد من أجل المتوسط، ليكون منصة حوار وتعاون بين البنوك المركزية في المنطقة. يعكس تنظيم الحدث التزام مصر الراسخ بتعزيز العلاقات وتبادل الخبرات لدعم الاستقرار والازدهار في منطقة البحر الأبيض المتوسط. هذه المناسبة تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الإقليمي وتنسيق السياسات بما يحقق نمواً اقتصادياً أكثر مرونة وشمولاً.
أهداف المؤتمر وتحديات المنطقة
أوضح حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، أن المؤتمر يوفر فرصة لتعميق التعاون وتبادل الخبرات بما يدعم استقرار الأسواق وتحقيق النمو في منطقة المتوسط. دعا إلى تحويل التحديات الراهنة إلى فرص تمويلية وخيارات إصلاح مالي تدعم الابتكار والانتقال إلى اقتصاد أخضر. شدد على ضرورة تعزيز التنسيق بين السياسات النقدية والمالية على المستويين الإقليمي والدولي لضمان تنفيذ الإجراءات بشكل فعال. أكد أن جدول الأعمال يعكس التزام الدول المشاركة بمواصلة العمل من أجل اقتصاد أكثر مرونة واستدامة.
دعا خوسيه لويس إسكريفا، محافظ البنك المركزي الإسباني، إلى تعزيز التعاون بين البنوك المركزية المشاركة، مؤكدًا أهمية بناء أنظمة مالية مرنة تلبي احتياجات المجتمع. أضاف لويس دي ميلو، مدير فرع الدراسات القطرية في OECD، أن البنوك المركزية لم تعد تقتصر على تحقيق الاستقرار النقدي بل تعد ركيزة رئيسية لدعم الابتكار وتمويل التحول الأخضر والنمو الشامل. أبرز سينين فلورنسا، الرئيس التنفيذي للمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط، أن المنطقة تواجه صراعات وتداعيات ديون وأزمات المناخ وتستلزم بنوك مركزية قوية لاستقرار مالي. وأشارت ميلتم بيوك قرقاش إلى أن تعزيز الاندماج الأخضر والرقمي يتطلب إجراءات ملموسة تعود بالنفع على شعوب المنطقة وتكثيف التعاون عبر الاتحاد من أجل المتوسط.
جلسات المؤتمر الأربع وتوجيهاته
أفردت الجلسة الأولى بعنوان «الذكاء الاصطناعي والبنوك المركزية والقطاع المالي» وتناولت الدور المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل القطاع المصرفي والمالي، وتقييم المخاطر المصاحبة. أدارها محافظ البنك المركزي الإسباني، وتخللتها مناقشات حول تطبيقات AI وإجراءات الحوكمة اللازمة. كما استعرضت أمثلة على استخدام الابتكار لتعزيز الكفاءة مع الحفاظ على الاستقرار المالي.
أدار محافظ البنك المركزي المصري الجلسة الثانية المعنونة «التمويل من أجل التنمية المستدامة» وركزت على دور البنوك المركزية في دعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتوجيه التمويل لخدمة أهداف التنمية المستدامة. وتناولت التحديات المناخية والبيئية التي تؤثر في آليات التمويل وتقييم المخاطر، مع اقتراح سياسات تدعم التمويل المستدام. وشددت على أهمية تعزيز الإطار المؤسسي وتنسيق السياسات بين النقدية والمالية لتحقيق نتائج ملموسة.
ناقشت الجلسة الثالثة «الشمول المالي للجميع» مبادرات توسيع الخدمات المالية وتعزيز التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية من خلال حلول مبتكرة وشاملة. وأدارها مسؤول من الجهة المنظمة وطرح طرقاً عملية لضمان وصول الجميع إلى الخدمات المصرفية، بما في ذلك الشرائح المهمشة. وأكدت الجلسة أن الشمول المالي ركيزة أساسية للنمو المستدام والازدهار الاجتماعي.
استعرضت الجلسة الرابعة «التكامل المالي» تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول سبل تعزيز التعاون الإقليمي وتطوير البنية الرقمية وتحقيق مزيد من التنسيق بين السياسات المالية والنقدية. وتناولت كذلك آليات بناء بنية تحتية رقمية موحدة وتبادل البيانات بين البنوك المركزية بما يعزز الثقة والاستقرار الماليين. وشددت النقاشات على أهمية متابعة التنسيق المستمر من خلال آليات عمل مشتركة واجتماعات فنية لاحقة.
ختام المؤتمر وخطوات مستقبلية
اختتم محافظ البنك المركزي المصري كلمته بتوجيه الشكر للمشاركين وأكد أن مخرجات المؤتمر تدعم الاستقرار المالي وتنمية اقتصادية مستدامة وشاملة لشعوب حوض المتوسط. كما أعلن أن البنك المركزي الإسباني سيستضيف النسخة القادمة من المؤتمر، مع عقد اجتماع فني تحضيري على مستوى الخبراء قبل نحو أربعة أشهر من الموعد المحدد. وتؤكد الترتيبات المستقبلية تبادل الخبرات والتنسيق المحكم لضمان إعدادٍ فعال يحقق الأثر المنشود.