أعلنت الدراسات أن حرمان الأطفال من الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى بعد الولادة يرتبط بمضاعفات صحية خطيرة، من بينها ضعف المناعة وزيادة خطر الوفاة. وتوضح أن الرضاعة الطبيعية تعزز نمو الدماغ وتقي الأمهات من أمراض مزمنة مثل السرطان وأمراض القلب. وكشف تقرير حديث صدر عن منظمتَي اليونيسف والصحة العالمية أن ما يقرب من 78 مليون رضيع، أو نحو 3 من كل 5 أطفال، لا يحصلون على الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى من ولادتهم، ما يجعلهم أكثر عرضة للمرض والوفاة. ويولد معظم هؤلاء الأطفال في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
أوضحت الطبيبة الروسية داريا دورونينا، طبيبة الأطفال المتخصصة في الرضاعة والتغذية وأمراض الجهاز الهضمي، أن عدداً كبيراً من الأمهات يلجأن إلى اللبن الصناعي بدلاً من لبن الأم. وهذا الوضع يقطع اللبن الطبيعي الذي يفرزه الثدي خصيصاً للطفل ويتركه عاجزاً عن الحصول على المعادن اللازمة. وأضافت أن الرضاعة الطبيعية تعزز نمو الطفل وتزيد مناعته وتؤمنه من الأمراض وتوفر له العناصر التي يحتاجها في الأشهر الأولى.
تؤكد الرضاعة الطبيعية أيضاً أنها تقي من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري في مراحل العمر المختلفة وتقلل من احتمالات أمراض مناعية مثل الحساسية والربو. كما تساهم في تطور الدماغ وتحسين القدرات المعرفية والمهارية للطفل، وكذلك في تنمية الجهازين السمعي والبصري. وتدعم الرضاعة الطبيعية أيضاً تعزيز التطور الهضمي وتخفف من الالتهابات المعوية والاضطرابات المرتبطة بالنمو.
أوضحت أن الرضاعة الطبيعية مهمة للأم أيضاً لأنها تحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يساعد الرحم على العودة إلى وضعه الطبيعي ويسهم في الوقاية من سرطان الرحم والمبيض والثدي. كما تساهم في التقليل من حالات الاكتئاب والتوتر والقلق المرتبط بفترة الحمل والولادة، وتساعد على فقدان الوزن الزائد وتقلل من مخاطر أمراض القلب والسكري وهشاشة العظام. وتعزز أيضاً الترابط العاطفي بين الأم وطفلها.
تؤكد الأبحاث أن حديثي الولادة الذين يبدأون الرضاعة خلال الساعة الأولى من الحياة تكون لديهم فرص أعلى للبقاء على قيد الحياة. وتشير إلى أن تأخير الرضاعة لساعات يمكن أن يؤدي إلى عواقب صحية تهدد الحياة. وتوضح أن الملامسة الجسدية المباشرة بين الأم والطفل والإرضاع من الثدي يحفزان إنتاج لبن اللبأ الغني بالمغذيات والأجسام المضادة، ويُطلق عليه أحياناً أول لقاح للطفل.
أهمية الرضاعة المبكرة وآثارها
أفادت اليونيسف بأن رغم أهمية البدء المبكر في الرضاعة الطبيعية، يُترك عدد كبير من الأطفال حديثي الولادة للانتظار فترات طويلة لأسباب متنوعة. وتشمل العوامل المساهمة ممارسات مثل التخلص من لبن اللبأ، أو تغذية الرضيع بالعسل أو بحليب الأطفال، أو تأخير أول لقاء جسدي مباشر مع الأم. وتبين بيانات من مصر أن معدلات القيصرية ارتفعت من 20% إلى 52% بين 2005 و2014، ما أدى إلى انخفاض البدء المبكر في الرضاعة من 40% إلى 27%.
تشير الفقرات إلى أن وجود أخصائي توليد ماهر لا يضمن معدلات البدء المبكر في الرضاعة. فقد ارتفعت نسبة الولادات داخل المؤسسات الصحية في 58 دولة بين 2005 و2017 بمقدار 18%، بينما ارتفع البدء المبكر في الرضاعة بنسبة 6% فحسب. وفي كثير من الحالات يفصل الأطفال عن أمهاتهم مباشرة عقب الولادة وتكون التوجيهات من العاملين الصحيين غير كافية.
التحديات والسبل التحسينية
تطالب النتائج الحكومات والجهات المانحة وصانعي القرار باتخاذ إجراءات تشريعية قوية للحد من تسويق حليب الأطفال وبدائل لبن الأم. وتؤكد الحاجة إلى سياسات تدعم البدء المبكر في الرضاعة وتقلل الفوارق في جودة الرعاية المقدمة للأمهات والمواليد حديثاً. وتدعو أيضاً إلى تعزيز التوعية والتدريب للكوادر الصحية وتحسين بيئة الولادة في المؤسسات الصحية.