أعلنت منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لأطباء النساء والتوليد واللجنة الدولية للطب اليوم عن إرشادات موحدة جديدة تهدف إلى تعزيز الوقاية والتشخيص والعلاج بشكل أسرع لمعالجة نزيف ما بعد الولادة، وهو أحد أخطر مضاعفات الولادة. وتؤكد الإرشادات على الكشف المبكر والتدخل السريع كخطوتين حاسمتين قد تساهمان في إنقاذ حياة عشرات الآلاف من النساء سنويًا. وتوضح أن هذه التوجيهات صممت لتكون ذات أثر في أماكن الرعاية ذات الموارد المحدودة وتدعم العاملين الصحيين في تقديم رعاية آمنة وفعالة. كما تؤكد النتائج المتوقعة إمكانية تقليل الوفيات وتحسين النتائج الصحية للنساء بعد الولادة.
التشخيص والتدخل المبكر
تقدم الإرشادات معايير تشخيصية موضوعية جديدة للكشف المبكر عن نزيف ما بعد الولادة، مستندة إلى أكبر دراسة حتى الآن ونشرت في مجلة لانسيت. وتدعو الأطباء والقابلات إلى التدخل الفوري عند وصول فقدان الدم إلى 300 مل مع متابعة علامات حيوية غير طبيعية لضمان الاستجابة السريعة. وتتضمن الحزمة المعروفة باسم MOTIVE إجراءات مثل تدليك الرحم، وأدوية المحفزة للانقباضات، وتدعيم باستخدام حمض الترانيكساميك (TXA)، وتوفير السوائل الوريدية، وفحص الجهاز التناسلي، والتصعيد الطبي إذا استمر النزف. وفي الحالات التي يستمر فيها النزف نادرًا، توصي الإرشادات بإجراءات مثل الجراحة أو نقل الدم لضمان استقرار المرأة حتى يتوفر علاج إضافي.
الوقاية والرعاية المتكاملة
تشدد الإرشادات على أهمية الرعاية قبل الولادة وبعدها لتخفيف عوامل الخطر الحرجة مثل فقر الدم، وهو من أكبر العوامل المرتبطة بحدوث النزيف. وتوصي بتناول الحديد وحمض الفوليك يوميًا أثناء الحمل، ونقل الحديد بالوريد عند الحاجة لتصحيح فقر الدم خلال الحمل أو بسبب النزيف. وتحث أيضًا على منع الممارسات غير الآمنة مثل الشق العجان الروتيني، مع تعزيز تقنيات وقائية مثل تدليك العجان في أواخر الحمل لتقليل مخاطر الصدمات والنزيف الشديد. وخلال المرحلة الثالثة من المخاض، توصي الإرشادات باستخدام محفزات الرحم عالية الجودة مثل الأوكسيتوسين، وتوفير بدائل مثل الكاربوتوسين عند عدم توفر الحقن الوريدي، مع اعتبار الميزوبروستول كخيار أخير.
التنفيذ والتعاون والتدريب
قالت البروفيسورة آن بياتريس كيهارا، رئيسة الاتحاد الدولي للجراحين، إن نزيف ما بعد الولادة يمكن أن يتطور بسرعة ويؤدي إلى خسائر فادحة إذا لم تستجب الرعاية فورًا. وأوضحت أن هذه الإرشادات تمثل نقلة نوعية، لكنها تحتاج إلى دعم حكومي ونظامي من الجهات المانحة والشركاء لتسريع الاعتماد وتوفير الموارد للقابلات ورعاية الأمومة حتى يصبح النزيف القابل للوقاية جزءًا من الماضي. وترافق الإرشادات حزمة موارد تدريب وتنفيذ طورت بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وتضم وحدات عملية ودلائل وطنية وتدريب قائم على المحاكاة، وتعمل على تعزيز الاستعداد والقدرة على الاستجابة للطوارئ في سياقات مختلفة.
الإطلاق والهدف الزمني
سيتم إطلاق هذه المبادئ التوجيهية الموحدة خلال مؤتمر FIGO العالمي لعام 2025 في كيب تاون، جنوب أفريقيا. وتعد خطوة حاسمة في تنفيذ خارطة الطريق العالمية لمكافحة نزيف ما بعد الولادة للفترة من 2023 إلى 2030. وتهدف الإرشادات إلى تعزيز جاهزية مقدمي الرعاية وتوحيد المعايير عبر السياقات المختلفة، ما يساهم في تقليل الوفيات وتحسين النتائج الصحية للنساء، مع أمل في أن تتحول هذه التوجيهات إلى واقع عملي يحد من مضاعفات الولادة القابلة للوقاية في العالم.