بدأت فكرة قانون مورفي كإشارة ساخرة إلى أن أي شيء يمكن أن يسوء سيحدث سوءاً. في سياقه العلمي، ظهر هذا المفهوم كرمز يعبر عن سوء الحظ وتكرار المشاكل غير المتوقعة، ويثير جدلاً بين العلماء حول ما إذا كان له أصل علمي أم أنه انعكاس لطريقة تفكيرنا.
التفسير العلمي وراء الفوضى
يرى بعض الفيزيائيين أن هذا القانون يمكن تفسيره من خلال القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي يقول إن الأنظمة تميل مع الوقت إلى التحول نحو الفوضى أو الانتروبيا. ويقول الدكتور جاك باريت من جامعة كينغستون إن لكل موقف نتيجة مثالية واحدة، بينما توجد مئات النتائج الأقل مثالية أو حتى كارثية، لذا من الطبيعي أن تسوء الأمور أحياناً.
بمعنى آخر، العالم من حولنا لا يتآمر ضدنا، بل هو مليء بالاحتمالات التي تجعل الفشل أكثر شيوعاً من النجاح.
مثال التوست والزبدة
من الأمثلة الشائعة عند الحديث عن هذا القانون سقوط شريحة التوست المدهونة بالزبدة غالباً على الأرض. يعتقد كثيرون أن التوست يسقط دائماً على الجانب المدهون، كأن الحظ العاثر يطارده. لكن التجارب العلمية قدمت تفسيرات منطقية لهذا المشهد اليومي؛ أوضح الدكتور هيلد من جامعة برن أن ارتفاع الطاولة وسرعة سقوط التوست يجعل الشريحة تدور نصف دورة قبل الارتطام، ما يؤدي غالباً إلى سقوطها على الجانب المدهون. وهكذا، يبدو أن القاعدة هنا نتيجة لقوانين الفيزياء وليست دليلاً على وجود حظ سيئ متعمد.
الجانب النفسي
من جهة أخرى يرى علماء النفس أن مورفي ليس قانوناً فيزيائياً، بل انحيازاً إدراكياً يجعلنا نلاحظ الأحداث السلبية أكثر من الإيجابية. فالعقول تميل إلى تذكّر اللحظات المزعجة لأنها تترك أثراً عاطفياً أقوى، بينما نتجاهل المرات التي سارت فيها الأمور على ما يرام. وهذا ما يُعرف بمغالطة التوافر، أي ميلنا للاعتقاد بأن ما نتذكره كثيراً هو ما يحدث في الواقع أكثر، حتى وإن لم يكن ذلك صحيحاً. بمعنى آخر، قانون مورفي يعيش في أذهاننا أكثر مما يعيش في العالم من حولنا.
أصل ولادة القانون
تعود جذور مورفي إلى خمسينيات القرن الماضي في قاعدة رايت-باترسون الجوية بولاية أوهايو الأمريكية، عندما اكتشف مهندس يُدعى إدغار مورفي أن فنيين ربطوا أجهزة استشعار بطريقة خاطئة أثناء تجربة هندسية، ثم قال غاضباً: “أي شيء يمكن أن يسوء، سيسوء!” انتشرت العبارة بسرعة بين زملائه، ثم أصبحت مع الوقت “قانون مورفي”، رمزاً ساخراً لكل ما يمكن أن يسير في الاتجاه الخاطئ.
بين الصدفة والفكاهة
اليوم، يُنظر إلى قانون مورفي على أنه مزيج من الفيزياء، وعلم النفس، والفكاهة البشرية، فهو يذكّرنا بأن الأخطاء والاحتمالات غير المرغوبة جزء من الحياة، لكن إدراكنا لها هو ما يجعلها تبدو أكثر حضوراً. وربما تلخص الجملة الساخرة المنسوبة إلى أحد العلماء الحقيقة: “قانون مورفي يعمل دائماً.. إلا عندما نحاول إثباته علمياً”.