تشير الدراسات إلى أن إدراكنا للوقت يتغير مع تقدمنا في العمر، فبعض الفترات القصيرة قد تمر بسرعة في نظر كبار السن بينما قد تبدو فترات أخرى أبطأ. وتوضح د. سيندي لوستيج، أستاذة علم النفس بجامعة ميشيغان، أن إدراكنا للأيام والأسابيع والسنوات يتأثر بنظرتنا الزمنية: هل نعيشها في اللحظة أم ننظر إليها من الماضي؟ كما يعتمد الإحساس بالزمن على الذاكرة وتجاربنا السابقة وكيف نُسجُها في سياق حياتنا. فبالنسبة لطفل في الثامن من عمره يمثل الأسبوع جزءًا كبيرًا من واقعه، أما بالنسبة لشخص في الثمانين فتمثل الفترة الزمنية جزءًا أصغر من حياته، وهو ما يَسهم في شعوره بأن الزمن يمر أسرع.
يبيّن البحث أن النظر إلى الماضي يجعل الزمن يبدو أسرع لدى كبار السن، لأن أيامهم تتكرر كثيرًا وتتشابه روتينهم. ويرى العلماء أن العديد من السنوات قد تبدو أقرب من بعضها حين لا تكون هناك تغيرات كبيرة في الحياة اليومية. كما تساهم الذاكرة في حدوث ذلك؛ فكلما كان العمر أكبر، اختلطت الأحداث المتشابهة في الذاكرة واندمجت في سيل واحد من الذكريات. وبناءً عليه، يشعر الشخص الأكبر عمرًا بأن الوقت يمر بسرعة أكبر عندما لا يلاحظ فروقًا كبيرة بين عام وآخر.
التجارب الجديدة وتغير الإدراك
تؤثر التجارب الجديدة في إدراك الزمن، فالأيام والشهور تبدو مختلفة عندما يواجه الإنسان أمورًا جديدة أو يخرج من روتينه المعتاد. يوضح ذلك أن الأشياء الجديدة تعزز ترسيخ الذكريات وتبطئ الإحساس بالمرور عندما ننظر إليها من الماضي. لا يقتصر الأمر على الأطفال فحسب، بل يستفيد البالغون أيضًا من تنويع التجارب حتى تبقى الحياة مثيرة وتبقى الذكريات غنية. إن إضافة أنشطة جديدة مثل تعلم مهارة جديدة أو زيارة مكان لم يسبق لك زيارته يترك آثارًا طويلة في الذاكرة ويعيد تشكيل تصورك للزمن.
أحد الأساليب المعروفة لتخفيف الإحساس باستعجال الزمن هو تجربة أشياء جديدة وخارجة عن الروتين. يمكن أن تشمل ممارسة هواية من مرحلة الطفولة، أو القيام برحلة ليلية إلى مدينة لم يسبق لك زيارتها، أو الانخراط في دورة طبخ جديدة. تبيّن الأعمال البحثية أن تعلم أشياء جديدة يعد طريقة فعالة لجعل الوقت يبدو أطول، لأن كل تجربة جديدة تترك أثرًا مميزًا في الذاكرة وتضيف تفاصيل جديدة إلى الأيام. وبذلك، لا يمكن إبطاء الزمن نفسه، لكن يمكن تنظيم تجربتك اليومية بحيث تبدو أقرب إلى أن تكون أبطأ في إدراكك.