مهام اليونسكو ومبادئها
تؤكد اليونسكو منذ تأسيسها عام 1945 أن بناء السلام يعتمد على التعليم والعلوم والثقافة والتفاهم بين الشعوب. وتؤمن بأن الحروب تبدأ في عقول البشر، ولهذا تسعى إلى بناء حصون السلام في عقولهم من خلال التربية والتثقيف. تلتزم بتحقيق تعليم جيد للجميع وتطوير التعاون العلمي والتكنولوجي لمواجهة التحديات العالمية. وتسعى إلى تعزيز التنمية المستدامة وبناء مجتمعات قائمة على المعرفة والتنوع والابتكار، مع حماية التراث الثقافي والطبيعي وصون التنوع اللغوي.
وترتكز رسالتها على ضمان التعليم الجيد والمنصف بوصفه حقاً من حقوق الإنسان، إضافة إلى دعم الحوار والتفاهم بين الشعوب. كما تؤكد دعم التعاون الدولي في مجالات العلم والتكنولوجيا والبيئة لمواجهة تغير المناخ وقضايا الطاقة والمياه وحماية الموارد الطبيعية. وتعزز حرية التعبير واستقلال الإعلام وتدعم مبادرات لتعزيز السلامة الإعلامية ومكافحة التطرف والتضليل الرقمي. وتُبرز التربية الإعلامية والمعلوماتية لتأهيل الأجيال الجديدة على التفكير النقدي واستعمال المعرفة بشكل مسؤول.
ومن أبرز مبادراتها برنامج مواقع التراث العالمي الذي أقر عام 1972 ويضم اليوم أكثر من 1200 موقع حول العالم. يهدف البرنامج إلى صون المواقع ذات القيمة العالمية الاستثنائية من الاندثار عبر تعاون دولي وتقديم الدعم الفني والمالي. إلى جانب ذلك، تطلق اليونسكو مبادرات في محو الأمية والتعليم في مناطق الأزمات وحماية حرية الصحافة وسلامة الصحفيين وتطوير العلوم الأساسية. وتتشرف كذلك على برامج حماية التراث غير المادي وتنظيم أيام دولية لرفع الوعي بقضايا إنسانية وثقافية.
اليونسكو في مصر ودورها القيادي
وفي مصر، كانت اليونسكو شريكة راسخة منذ تأسيسها، إذ انضمت القاهرة كإحدى الدول المؤسسة واستضافت مكتبا إقليمياً لها.
قادَت اليونسكو حملة عالمية لإنقاذ معابد أبو سمبل وفيلة بعد بناء السد العالي، وهي إحدى أبرز جهود الإنقاذ الأثري في التاريخ الحديث.
وساهمت في تسجيل مواقع مصرية بارزة على قائمة التراث العالمي، مثل مدينة طيبة القديمة ومقابرها في الأقصر، وأهرامات الجيزة، ومنطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية، والقاهرة الإسلامية، ومدينة ممفيس ومقبرتها، ودير سانت كاترين.
وتعاونت الحكومة المصرية مع اليونسكو في إطلاق برامج لتطوير التعليم الأساسي ومحو الأمية الرقمية وتوسيع فرص التعليم للفتيات في المناطق الريفية، إضافة إلى دعم البحث العلمي في مجالات المياه والطاقة والتنمية المستدامة.
ويقود مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة مشروعات تمتد من شمال إفريقيا إلى الخليج والقرن الإفريقي، وتتركز على تطوير السياسات التعليمية والثقافية وتبادل الخبرات.
وفي المجال الثقافي والإعلامي، دعمت اليونسكو حماية التراث غير المادي المصري وتدريب الصحفيين وتعزيز المساواة بين الجنسين في الإعلام، بالتعاون مع نقابة الصحفيين والمؤسسات الأكاديمية.
قيادة جديدة واستراتيجية 2030
عيّن المجلس التنفيذي الدكتور خالد العناني مديراً عاماً لليونسكو خلفاً لأودري أزولاي، ليقود تنفيذ استراتيجية 2030.
يركز عهد العناني على التحول الرقمي في التعليم وتمكين الشباب والنساء وصون التراث العالمي المهدد، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط وإفريقيا.
من المتوقع أن يعزز هذا التعيين حضور اليونسكو في المنطقة ويفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول في مجالات التراث والتعليم والعلوم.
خاتمة
تبقى اليونسكو منارة عالمية للتعليم والثقافة والعلم ومظلة للتعاون الإنساني في مواجهة الجهل والتطرف والانقسام.
وتعزز القاهرة دورها كمركز حوار وتبادل ثقافي وصون الهوية، بما يعزز رسالة المنظمة في بناء الإنسان وحفظ الذاكرة الحضارية للبشرية.


