أعود إلى بيروت فأشعر وكأنني أزور مدينة جديدة تماماً، رغم أنني أعرف كل زاوية فيها وأحمل بين طيّات ذاكرتي كل تفاصيلها. بعد سنوات الغربة، تبدو لي بيروت كأنها تحيا من جديد، تحمل في طياتها روحها الأصيلة الممزوجة بحيوية الشباب ونبض المدينة المليئة بالحياة. المشي على كورنيش البحر، شمّ رائحة القهوة من المقاهي القديمة، والاستماع إلى صخب الناس في الأسواق والأسطح، كل ذلك يجعلني أشعر كأنني سائح يستكشف عاصمة لم يسبق لها أن زارتها. بيروت ليست موطني فحسب، بل هي تجربة متجددة لا تنتهي، مليئة بالمفاجآت، والدفء، والفرح الذي يحيي القلب. في كل زيارة أكتشف شيئاً جديداً، وأعود بشغف لأروي قصص المدينة التي لا تعرف الملل طريقاً.

هذه المرة تختلف، فبعد سنوات من التحديات، تعود بيروت لتثبت مجدداً أنها قلب السياحة النابض في المنطقة. فقد شهدت العاصمة خلال الصيف انتعاشاً ملحوظاً في الحركة السياحية، حيث امتلأت شوارعها بالزوار من مختلف أنحاء العالم العربي والغربي، الباحثين عن جمالها ودفء أهلها. وافتتاح فندق فوكو الجديد في وسطها يضفي لمسة من الحداثة والضيافة على المشهد السياحي، ويبشر بأن المدينة بدأت تستعيد عافيتها وتستقبل المستقبل بثقة وأمل واستثمارات جديدة.

يتميز فوكو بيروت بأنه مصمم بطريقة تناسب الزوار العرب، فالغرف واسعة وتطل مباشرة على الكورنيش البحري من خلال نافذة بلورية عملاقة، ترى منها الحركة الصباحية والركض وكأن الناس يتسابقون مع شروق الشمس، وفي المساء يتحول المشهد وتأتي أجواء المساء حيث يودع الناس الشمس على البحر. كما يضم الفندق بركة سباحة خارجية ومركزاً صحياً، وتتيح الخدمة تنظيم جولات سياحية أو تأمين سيارة مع سائق ودليل يرافقك طوال اليوم، ويمكن أيضاً ترتيب رحلة بحرية على متن يخت الفندق الذي يرسي عند ممشى زيتونة باي. مع الفندق، نضع لك جدولاً سياحياً مناسباً لما تفضله من زيارات.

البترون: مدينة البحر والتاريخ

تبعد هذه المدينة الجميلة نحو 50 كيلومتراً شمال بيروت وتعد إحدى الوجهات المثالية للهروب من صخب العاصمة، حيث تلتقي الضيافة اللبنانية العريقة بجمال البحر المتوسط وسحر الآثار القديمة. يعود تاريخها إلى العصور الفينيقية، وتضم سوراً فينيقياً يعد من أقدم المعالم الساحلية، مع كنائس قديمة مثل كنيسة مار يوحنا وكنيسة مار جرجس، إضافة إلى الحمّام الروماني كمعلم أثري يروي حقبة الرفاه في الزمن القديم. في الصيف، تجذب الشواطئ والمتاجر على الواجهة البحرية والسوق القديم والسياحة الليلية، وتشتهر بمكانتها كواجهة مثالية لتصوير المسلسلات والافلام، وهو ما يضيف لها شهرة وجاذبية.

يمكن اكتشاف مذاق البترون من خلال تذوق الصفيحة البعلبكية في مطاعم عائلية تقليدية على طول السوق، كما يبرز نشاطها في سوق المدينة الشعبي وأجواء المطاعم المطلة على الميناء حيث تتحول الزيارة إلى تجربة غنية تجمع بين التاريخ والذوق اللبناني الأصيل.

جبيل: المدينة القديمة والمرفأ

جبيل، المعروفة تاريخياً بيبلوس، واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم وتقع على الساحل شمال بيروت. تعود جذورها إلى أكثر من 7000 عام، وتجسد تمازج التراث مع الحداثة من خلال قلعة صليبية وأطلال رومانية وأسواق حجرية ومرفأ قديم يضج بالحياة. من أهم ما يمكنك فعله هناك زيارة القلعة الصليبية والاستمتاع بإطلالة بانورامية من داخلها، والجولة في الموقع الأثري المجاور بما فيه المعابد الفينيقية والمسرح الروماني والمتحف الصغير. كما يمكن تناول الغداء في المرفأ القديم مع خيارات بحرية ولحوم وتذوق نكهات لبنانية تقليدية، والتجول في السوق الحجري وزيارة الكنائس القديمة مثل كنيسة مار يوحنا التي تعود إلى القرن الثاني عشر.

بعلبك: معابد وأمجاد تاريخية

تقودك زيارة بعلبك إلى عمق التاريخ وسحر الأسطورة، فالمكان يقع في سهل البقاع ويعد من أبرز المعالم الأثرية في المنطقة. عند الاقتراب من قلعة بعلبك تشعر بعظمة الحضارات التي مرت هنا؛ أعمدة معبد جوبيتر ومعبد باخوس يعكسان عبقرية الرومان وروعة العمارة القديمة، وتتركان عند الزائر إحساساً بالتواضع أمام الزمن. أنصحك باختيار دليل تاريخي متخصص ليشاركك الحكايات ويجعلك تعيش كل لحظة كما لو أنك عشتها مع أهلها عبر العصور.

بعد الجولة الأثرية، يمكنك التردد في سوق المدينة الشعبي وتذوق الصفيحة البعلبكية في مطاعم عائلية حفظت طابع الضيافة اللبنانية الأصيلة، وتستمر الرحلة بتجربة أطباق محلية وأجواء دافئة تضيف إلى الزيارة سحرها الخاص.

رحلة بحرية من المنارة إلى صخرة الروشة

تنطلق الرحلة البحرية قرب منارة بيروت وتمنحك فرصة الاقتراب من صخرة الروشة والمرور من خلالها إلى مغارة تحت الصخرة، مع رؤية المنحدرات البحرية والكورنيش من زوايا مخفية عن الرؤية من اليابسة. تبحر القوارب بمحاذاة الكورنيش وتظهر المدينة من الخلف تدريجياً بينما تقترب الصخرة وتتشكل أمامك تفاصيلها الطبيعية المدهشة، بما فيها الفتحة الشهيرة والمياه البلورية التي تحيط بها.

منطقة كفرذبيان والمزار والقمم العالية

تقع كفرذبيان في كسروان وتتميز بموقعها الجبلي الخلّاب بين الجبال والوديان، ما يجعلها وجهة مناسبة للسياحة الشتوية والصيفية على حد سواء. عند الوصول ستشاهد مناظر طبيعية مهيبة وتخوض جولات سفاري على مركبات رباعية الدفع إلى أهم المعالم. من أبرز ما تستكشفه معبد فقرا الروماني المنحوت في الصخر، وتصل إلى تمثال مار شربل العملاق المطل على المناظر الطبيعية الخلابة. وللذواقة تقدم فنادق المنطقة مطاعم فاخرة مثل مطعم Le Refuge ضمن فندق إنتركونتيننتال المزار، حيث تتحول في الشتاء إلى استراحة للمتزلجين وفي الصيف باتجاه جلسات مفتوحة بين أجواء جبلية نقية وطعام لبناني وغربي مميز.

شاركها.
اترك تعليقاً