أعلن فريق بحثي عن وجود خمسة أنماط حيوية نفسية اجتماعية مرتبطة بالنوم، وتبيّن أن كل نمط يعكس تنظيمًا فريدًا لشبكات الدماغ. كما يظهر أن هذه الأنماط ترتبط بتجربة نوم متباينة تؤثر في الصحة العقلية والسلوك وتبنّي الوظائف الإدراكية. تكشف النتائج عن روابط مع مستويات القلق والاكتئاب والتوتر ودرجات الاستقرار العاطفي والقدرة على معالجة المعلومات.
النمط الأول: حلقة مفرغة من الأرق والاضطرابات النفسية
يصف هذا النمط أشخاصًا يعانون من حلقة متداخلة تربط سوء النوم بالصحة النفسية الهشة. لا يستغرقون وقتًا طويلاً للخلود إلى النوم فحسب، بل يعبرون عن انخفاض رضاهم عن جودة راحتهم الليلية. وتظهر لديهم مستويات مرتفعة من الاكتئاب والقلق والتوتر، إلى جانب نوبات متكررة من الخوف والغضب، ما يشير إلى ترابط عميق بين اضطراب النوم والصحة العقلية.
النمط الثاني: مفارقة النوم الجيد مع المعاناة النفسية
يمثل هذا النمط مفارقة حين يبدو النوم ظاهرًا جيدًا دون مشاكل ملحوظة، لكن الأفراد يعانون من ضغوط نفسية مستمرة. وتظهر لديهم معدلات مرتفعة من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلى جانب مشاعر غضب وتوتر وحزن متكررة. وتدل مستويات الوعي المنخفضة على أن عمق المعاناة النفسية قد يكون جذرًا وغير مرتبط مباشرة بجودة النوم.
النمط الثالث: ثمن الراحة الاصطناعية
يتميز هذا النمط بأشخاص يعتمدون على المساعدات النوم. ورغم ارتفاع وعيهم وتنظيمهم ورضاهم عن العلاقات الاجتماعية وشبكات الدعم العاطفي، فإنهم يعانون من تراجع إدراكي واضح في الذاكرة العرضية البصرية والذكاء السائل والقدرة على التوجه المكاني. يثير ذلك تساؤلات حول الآثار الجانبية المحتملة لاستخدام مساعدات النوم على المدى الطويل.
النمط الرابع: تداعيات الحرمان من النوم
يرسم هذا النمط صورة واضحة لآثار الحرمان من النوم، حيث ترتبط قلة ساعات الراحة بسلوكيات عدوانية وصعوبات في المعالجة العاطفية. كما يظهر تراجع في القدرات اللغوية والذكاء السائل، ما يؤكد أن نقص النوم يؤثر في المزاج فقط بل في الوظائف الإدراكية الأساسية أيضًا.
النمط الخامس: تداعيات النوم المتقطع
يُعد هذا النمط الأكثر تعقيدًا، حيث يعاني من الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل. وتتسع دائرة تأثيره لتشمل سلوكًا عدوانيًا ومشاكل إدراكية مشابهة للنمط الرابع، إضافة إلى صعوبات في التفكير وارتفاع معدلات القلق وضغط الدم. والأخطر أن هذا النمط يرتبط بالتدخين وأعراض الاعتماد على الكحول، ما يفتح باب المخاطر الصحية المتعددة.
وتؤكد الباحثة أورور بيرو من جامعة كونكورديا أن كل نمط نوم يحظى بترتيب فريد لشبكات الدماغ، ما يشير إلى أن تجارب النوم تعكس الصحة والسلوك وكذلك بنية الدماغ ونشاطه. وتتيح هذه الرؤية إمكانية تشخيص وعلاج أكثر تخصيصًا بحسب نمط النوم، متجاوزة النظرة التي تركز على عامل واحد فقط. وتدفع النتائج إلى تبنّي مقاربة شمولية تربط النوم بالصحة العامة وتطوير أساليب تدخل جديدة.