إعلان الاتفاق ومضامينه
أعلنت الرئاسة المصرية في مدينة شرم الشيخ سريان اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من عمق قطاع غزة إلى الحدود المتفق عليها. وتحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبضمانات عربية ودولية، جرى الاتفاق على آلية لوقف الأعمال القتالية وتسهيل مرور المساعدات. وأكّدت المصادر أن بدء سريان الاتفاق سيكون بعد 24 ساعة من مصادقة حكومة الاحتلال على بدء عملية تبادل الأسرى والمحتجزين، وبعد انقضاء 72 ساعة وفق الخطة المعلنة.
تفاصيل الإفراج عن الأسرى والجهود الإنسانية
وستشمل الصفقة الإفراج عن نحو 1950 أسيرًا فلسطينيًا بينهم 250 من ذوي المحكوميات العالية و1700 آخرين اعتقلتهم قوات الاحتلال بعد 7 أكتوبر، إضافة إلى النساء والأطفال. كما تقضي آلية التبادل بتبادل الجثامين بحيث يقابل كل جثمان إسرائيلي 15 جثمانًا فلسطينيًا، وتُدار الإجراءات تحت إشراف الصليب الأحمر وبضمانات عربية ودولية. وجرى التأكيد أن هذه الخطوات ستُنفذ وفق جداول زمنية واضحة وبآليات مراقبة دولية تضمن الحقوق الإنسانية للمفرج عنهم والمفرج عنهم المحتجزين.
التوجيهات العسكرية وإعادة الانتشار
في الجانب العسكري، أشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أن الجيش أنهى تفكيك التحصينات ومواقع داخل القطاع وسيبدأ الانسحاب تدريجيًا إلى الخط الأصفر. وتدلّ التقارير على أن لواء 7 النظامي ولواء الاحتياط عتسيوني غادرا خان يونس كجزء من إعادة الانتشار. وتؤكد الترتيبات أن الانسحاب سيتم وفق جدول زمني يضمن الحد من التصعيد وفتح المجال لعودة السكان إلى منازلهم تدريجيًا.
إدخال المساعدات والتطمينات الدولية
نص الملحق على إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا تشمل الغذاء والدواء والوقود بإشراف الأمم المتحدة، مع تشديد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن عمليات الإفراج يجب أن تتم “بأمان وبكرامة”، وتؤكد فرقها الميدانية دعم التنفيذ. وتتابع الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الإشراف على توزيع المساعدات والتنسيق مع السلطات المحلية لضمان وصولها إلى المجتمع المدني. وتؤكد مصر أن الاتفاق ليس مجرد وقف للنار بل إطار لإحياء المسار السياسي وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل دائم.
ردود قادة المنطقة والدول الكبرى
رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق ووصفه بأنه لحظة تاريخية تعكس إرادة السلام، مؤكدًا أن مصر قامت بدورها الكامل في رعاية المفاوضات إلى جانب قطر والولايات المتحدة وستواصل متابعة المسار السياسي وإدخال المساعدات. وفي واشنطن، وصف الرئيس الأمريكي ترامب الاتفاق بأنه يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي وإسرائيل والولايات المتحدة، وأوضح أنه ناقش التفاصيل مع مستشاريه قبل نشره وسيزور مصر لحضور مراسم التوقيع. وفي تل أبيب، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن حكومته صادقت على الاتفاق رغم المعارضة من بعض الوزراء، مؤكداً أن إسرائيل ستطلق جميع الرهائن وتنسحب تدريجيًا إلى الخط الفاصل.
التأثير السياسي الفلسطيني وتطورات الداخل الإسرائيلي
ومن الجانب الفلسطيني، رحب الرئيس محمود عباس بالاتفاق واعتبره خطوة ضرورية نحو وقف العدوان وبدء عملية سياسية تقود إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع التأكيد على سيادة غزة للدولة الفلسطينية. كما أعلنت الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، موافقتها على الاتفاق لكنها شددت على إلزام الاحتلال بالتنفيذ وعدم السماح له بالمماطلة. وفي إسرائيل، أظهرت استطلاعات معاريف أن حزب قوة يهودية قد تراجع إلى ستة مقاعد، بينما أشار محللون إلى وجود خلافات داخل مجلس الوزراء الأمني وتوقعوا أن يقول بعضهم بضرورة انتخابات مبكرة بعد الصفقة.
العودة التدريجي إلى الحياة في غزة
وبعد بدء سريان وقف إطلاق النار، وصلت حشود من النازحين إلى مدينة غزة وشمال القطاع مع فتح شارعي الرشيد وصلاح الدين، ما أتاح للأهالي العودة إلى منازلهم في أجواء حذرة من الأمل. وتواصلت عودة الحياة وتدفقات المساعدات الدولية، مع وجود آمال بتهيئة بيئة لاستكمال إعادة الإعمار والاستقرار. وتبقى التطورات مرتبطة بالتزام الأطراف والجهود الدولية لضمان التنفيذ وربطها بمسار سياسي يؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة.
المجتمع الدولي والقانون الدولي
على مستوى المجتمع الدولي، رحبت الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالاتفاق واعتبرته فرصة لإيصال المساعدات وإنهاء معاناة المدنيين، فيما ربطت عواصم غربية استمراره باستكمال المراحل التالية وربطه بمسار سلام يؤدي إلى حل الدولتين. وأعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي أنها ستصدر رأيًا استشاريًا في 22 أكتوبر حول التزامات دولة الاحتلال والدول والمؤسسات الدولية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يمنح الفلسطينيين أداة ضغط دولية جديدة ويضع إسرائيل أمام اختبار الالتزام بالقانون الدولي. وتبقى التطورات مرهونة بالالتزام والتنفيذ وقدرتها على ربطها بمسار سياسي يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة.


