أعلنت البعثة الأثرية المصرية عن اكتشاف قلعة عسكرية ضخمة تعود إلى عصر الدولة الحديثة في موقع تل الخروبة قرب الساحل الشمالي لسيناء. تعتبر القلعة من أكبر القلاع التي عُثر عليها على طريق حورس الحربي، وتؤكد قدرة التخطيط الدفاعي لملوك مصر القديمة. يكشف هذا الكشف عن شبكة تحصينات تهدف إلى حماية الحدود الشرقية وتوفير ربط آمن للطرق الاستراتيجية التي وصلت مصر إلى فلسطين. وتبرز النتائج الأولية أهمية الموقع ضمن سلسلة القلاع الكبرى التي تعزز فهمنا للقدرات العسكرية المصرية في هذا العصر.
أبعاد القلعة وتخطيطها
أوضح الدكتور هشام حسين أن سور القلعة الجنوبي يمتد نحو 105 أمتار بعرض يصل إلى 2.5 متر، بينما يبرز مدخل فرعي بعرض 2.20 متر في وسط السور. كشفت الحفريات عن أحد عشر برجًا دفاعيًا حتى الآن، إضافة إلى البرج الشمالي الغربي وجزء من سورين شمالي وغربي، حيث واجهت البعثة تحديات بسبب الكثبان الرملية المتحركة التي غطّت أجزاء من الموقع. تبلغ مساحة القلعة نحو 8000 متر مربع، وهي ثلاث أضعاف مساحة القلعة التي كُشِفت في الثمانينيات وتقع نحو 700 متر جنوب غربها.
عناصر أثرية وتخطيط الحياة اليومية
كشف محمد عبد البديع عن سور زجزاجي بطول 75 مترا في الجانب الغربي من القلعة، يفصلها من الشمال إلى الجنوب ويحيط بمنطقة سكنية مخصصة للجنود، وهو نموذج معماري يعكس قدرة المصريين القدماء على التكيف مع البيئة القاسية. كما عُثر على كُسر فخارية متنوعة وبقايا أساس أسفل أحد الأبراج ترجع إلى النصف الأول من عصر الأسرة الثامنة عشرة، إضافة إلى يد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول. وتظهر الحفريات أحجار بركانية يرجّح أنها نُقلت عبر البحر من جزر اليونان، إلى جانب فرن كبير لإعداد الخبز وبجواره عجين متحجر، ما يؤكد أن القلعة كانت مركزاً للحياة اليومية للجنود.
آفاق البحث والتوثيق
أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن الكشف يمثل خطوة مهمة في إعادة بناء الصورة الشاملة لشبكة التحصينات المصرية على الحدود الشرقية خلال الدولة الحديثة، وأن كل قلعة تُكتشف تضيف لبنة جديدة لفهم التنظيم العسكري والدفاعي في مصر القديمة. كما أشار إلى أن الحضارة المصرية لم تقتصر على المعابد والمقابر بل كانت دولة مؤسسات قادرة على حماية الأرض والحدود. وتؤكد النتائج الأولية أن أعمال الحفائر ستواصل للكشف عن بقية الأسوار والمنشآت المرتبطة بها، مع احتمال العثور على ميناء عسكري يخدم القلعة قرب الساحل.