أفادت دراسة أُجريت عام 2013 بأن الأرض تقضي أكثر من 60% من رحلتها في أحد أذرع المجرة، وهو الوضع الذي يزيد احتمالية وقوع أحداث كارثية بسبب الكثافة العالية للنجوم واضطرابات الجاذبية. وتبيّن أن هذه الفترات قد تربك حركة الأجسام الجليدية في سحابة أورت داخل المجموعة الشمسية، ما قد يدفعها باتجاه الأرض في أوقات محددة. كما تشير النتائج إلى أن لهذا النطاق من الحركة تأثيراً في تقلبات القشرة الأرضية. ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Physical Review Research.

بلورات الزركون كأرشيف زمني

يلاحظ الباحثون في الدراسة الجديدة أن بلورات الزركون في قشرة الأرض تشكل كبسولات زمنية تحفظ معلومات عن مسار كوكبنا عبر أذرع المجرة. وقارن الباحثون نظائر الأكسجين في البلورات مع سجل كثافة الهيدروجين، فوجدوا ارتباطاً لافتاً بين فترات عبور الأذرع العالية الكثافة وتفاوت أكسجين الزركون. وتوضح مناقشات علمية أن فترات وجود النظام الشمسي في أذرع ولادة النجوم ترافق ارتفاعاً حاداً في تفاوت أكسجين الزركون. وتبيّن النتائج أن القشرة الأرضية بدت أكثر فوضوية عندما كان النظام الشمسي مدمجاً في أذرع ولادة النجوم داخل درب التبانة.

وتؤكد هذه النتائج أن الزركون يوفر سجلًا ثابتًا للأحداث الكونية المرتبطة بتغيرات كثافة الهيدروجين في المجرة. وفي إطار المناقشات المنشورة أشير إلى أن مثل هذه الروابط قد تكون علامة على تداخل عميق بين حركة النظام الشمسي والعمليات التكوينية للقشرة. غير أن الباحثين يلفتون إلى أن الارتباط ليس دليل سببية دائمًا، وأن الفصل بين آثار عبور أذرع المجرة والعمليات الأرضية الداخلية أمر صعب. ومع ذلك، يرى العلماء أن الأدلة مقنعة بما يكفي ليُؤخذ دورها بعين الاعتبار كجزء من فهم تاريخ الأرض الكوني.

تفسير الآثار المحتملة

يرى كيركلاند وسوتون أن الاضطرابات في سحابة أورت قد تزيد احتمال اصطدام الكويكبات بالأرض، وهو ما قد يترك آثاراً لم تُمحَ بفعل التعرية وحركة الصفائح التكتونية. ويؤكدان أن الدلائل على هذه الاصطدامات قد تبقى محفوظة في سجل البلورات الزركونية على مدى مليارات السنين، بينما يمكن أن تمحى الأدلة الجيولوجية على سطح الأرض. كما يحذران من أن الارتباط بين عبور الأذرع والتغيرات الأرضية ليس دليلاً قاطعاً على السبب والنتيجة، وأن فصل التأثيرات المجرّية عن العمليات الداخلية صعب. ومع ذلك، تعتبر النتائج مقنعة بما يكفي لاعتبارها إضافة مهمة إلى فهم تاريخ الأرض.

تفتح البلورات الزركونية باباً لفهم أعمق للعلاقة بين الأرض والكون، إذ تتيح لنا نافذة نادرة على تاريخ رحلتنا الطويلة عبر المجرة. وتبرز هذه الحبيبات الصغيرة كيف أن الصخور القديمة يمكن أن تحفظ سجلاً مطولاً من العصور التي يصعب رصدها بالطرق التقليدية. وبذلك، تعيد هذه النتائج تعريف ارتباط الأرض بالكون وتدفع إلى الاستمرار في دراسة العمران الكوني للأرض من خلال تحليل مكونات الصخور القديمة.

شاركها.
اترك تعليقاً