يهيمن الوقود الكيميائي على السفر إلى الفضاء لقرون، بلهيبه الهادر ودفعه الهائل. لكن عند التفكير في الوصول إلى المريخ وما بعده، حيث تقاس المسافات بالمليارات وليس بالملايين، يظهر خيار جديد: الدفع الكهربائي الصامت فائق الكفاءة.
محرك خارق
ليس المحرك الذي يطلاقك من الأرض، بل التكنولوجيا التي تبقيك تسافر في الفضاء السحيق لسنوات، محملة بأقصى حمولة علمية وبأقل قدر من الوقود. الدفع الكهربائي ليس مجرد تحسين، بل هو تغيير جذري يعيد تعريف مفهومنا للاستكشاف البشري والروبوتي للكون.
وداعاً للوقود الثقيل
محركات الصواريخ التقليدية (الكيميائية) تمنح المركبة دفعاً قوياً للحظات قصيرة أثناء الإقلاع والدخول في المدار، وتستهلك أطناناً من الوقود. أما أنظمة الدفع الكهربائي، مثل محركات الأيونات (Ion Thrusters) ومحركات تأثير هول (Hall-Effect Thrusters)، فتعتمد على مبدأ مختلف تماماً، لأنها بدلاً من الحرق تستخدم الطاقة الكهربائية (المولدة غالباً من الألواح الشمسية أو المفاعلات النووية) لشحن جزيئات الدافع وتحويلها إلى أيونات مشحونة إيجابياً. ثم يتم تسريع هذه الأيونات في حقل كهربائي ومغناطيسي لتنطلق من المؤخرة بسرعة هائلة، مولدة دفعاً بطيئاً ولكنه ثابت لا يتوقف.
بوابة المستقبل
ثلاثة أسباب تجعل الدفع الكهربائي بوابة المستقبل لأنها اقتصادية الكتلة وهذا هو الجوهر. الكفاءة العالية تسمح للمركبة بحمل كمية وقود أقل لتحقيق التغيير في السرعة نفسه الذي يتطلبه صاروخ كيميائي بوزن ضخم. وهذا يترجم إلى خفض وزن الإطلاق بشكل كبير، فكل كيلوجرام يوفر ملايين الدولارات في تكاليف الإطلاق. كما تتيح فرص زيادة الحمولة العلمية لأنها تحمل أجهزة ومعدات علمية أكثر بدل حمل الوقود. كما يتيح الدفع المستمر على مدى أشهر وسنوات الوصول إلى وجهات لم تكن متاحة بسهولة. المسبار داون التابع لناسا مثال ساطع، حيث استخدم الدفع الأيوني للدوران حول هدفين مختلفين في حزام الكويكبات (فستا وسيريس)، وهو إنجاز كان مستحيلاً عملياً باستخدام التقنية الكيميائية وحدها.