توضح المصادر أن مرض العين الدرقية يعد اضطرابًا مناعيًّا يربط الغدة الدرقية بالعينين. يهاجم الجهاز المناعي الأنسجة المحيطة بالعينين مسبّبًا الالتهاب والتورّم وتغيرات في الحركة والمظهر. يرتبط عادة بمرض جريفز وفرط نشاط الغدة الدرقية، لذا فإن السيطرة على نشاط الغدة تعد جزءًا أساسيًا من العلاج. قد يظهر المرض كتورم حول العينين وجحوظ في الجفون، وقد يتفاقم إذا لم يُعالج بالشكل المناسب.

يمر مرض العين الدرقية بمرحلتين واضحتين. تبدأ المرحلة النشطة غالبًا من ستة أشهر إلى عامين وتظهر خلالها الانتفاخ والاحمرار وزيادة حجم الأنسجة خلف العين. بعدها تدخل الحالة في مرحلة خامدة تتراجع فيها الالتهابات تدريجيًا، لكن التغيّرات التي حدثت قد تبقى في بعض المرضى بشكل دائم. يساهم التدخل المبكر والتحكم باستقرار الغدة الدرقية في تقليل الأضرار وتحسين النتائج العينية.

الأعراض والتشخيص

تظهر علامات المرض عادة في العينين وتبدأ بسيطًا ثم تتصاعد إلى مستويات أشد؛ من أكثر العلامات شيوعًا احمرار العين وتهيجها مع إحساس بالضغط خلف العين. كما يُلاحظ جحوظ في الجفون وارتفاع في إفراز الدموع أو جفاف العينين وزيادة الحساسية للضوء. قد يعاني المصاب من ازدواج الرؤية أو صعوبة في التركيز البصري وهو ما يستدعي فحصًا دقيقًا. في حالات نادرة، يمكن أن يؤدي التورم الشديد إلى ضغط العصب البصري وفقدان الرؤية إذا لم يُعالج مبكرًا.

عند الاشتباه في المرض، يجري اختصاصي العيون فحصًا يشمل قياس مدى بروز العينين وحركة عضلات العين وتقييم الرؤية وتمييز الألوان. كما تُستخدم تقنيات التصوير مثل الرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي لتحديد مدى تورم الأنسجة خلف العين. ويشدد الأطباء على التنسيق بين أخصائي العيون وطبيب الغدد الصماء لضمان متابعة شاملة للنشاط الهرموني ونتائجه؛ فالسيطرة على التعديل الهرموني غالبًا ما تخفف الأعراض العينية وتدعم التحسن. يوضح ذلك أهمية التقييم المشترك لعلاج مرض العين الدرقية كعملٍ واحد متكامل.

الأسباب والعوامل المساعدة

ينشأ مرض العين الدرقية عندما يوجّه الجهاز المناعي أجسامًا مضادّة إلى أنسجة العين السليمة، مما يجعلها تتعرّض للالتهاب والتورّم. تُفرز الغدة الدرقية في مرض جريفز كميات كبيرة من الهرمونات، وتتشكل أجسام مضادّة تحفّز نشاط الغدة بشكل مفرط وتتعامل مع بروتينات موجودة في أنسجة العين. تتفاعل هذه الأجسام المضادّة مع الأنسجة العينية وتؤدي إلى الالتهاب وتغيرات في الشكل والحركة. من العوامل التي قد تزيد من احتمال الإصابة: التدخين المستمر أو التعرض للدخان السلبي، وجود تاريخ عائلي للحالة، العلاج باليود المشع، وربطها ببعض أمراض المناعة مثل السكرى من النوع الأول أو التهاب المفاصل الروماتويدي، كما أن كون المصابة أنثى يعزز الخطر مقارنةً بالذكور.

العلاج

تختلف خطط العلاج بحسب مرحلة المرض وشدته. في الحالات الخفيفة، يوصى باستخدام الدموع الصناعية لترطيب العينين، وتطبيق كمادات باردة لتخفيف الانتفاخ، وارتداء نظارات شمسية للوقاية من الضوء القوي، إضافة إلى الإقلاع عن التدخين نهائيًا. تهدف هذه الإجراءات إلى تخفيف الأعراض وتقليل التهيج والمحافظة على صحة العين دون الحاجة لتدخل دوائي. يظل الهدف الأساسي دعم راحة العينين والحد من المضاعفات وتحسين نوعية الحياة.

أما في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، فقد يصف الطبيب الكورتيكوستيرويدات لتخفيف الالتهاب أو دواء حديث مثل تيبروتوموماب Teprotumumab للمساعدة في تقليل التورم وتحسين المظهر الخارجي للعين. قد يعتمد اختيار العلاج على الاستجابة والتقييم المستمر من الأخصائيين، مع مراعاة الفعالية والآثار الجانبية. وفي المراحل المتقدمة قد يتطلب الأمر تدخلاً جراحيًا لإزالة الضغط عن محجر العين أو تعديل وضع الجفون والعضلات المسؤولة عن حركة العين. يظل التنسيق بين أطباء الغدد الصماء وأخصائيي العيون عنصرًا أساسيًا لضبط العلاج وتحسين النتائج بشكل ملحوظ.

المضاعفات والتعايش

إذا تُرك المرض دون علاج، قد يؤدي إلى ضمور العصب البصري وفقدان الرؤية تدريجيًا وتلف القرنية وصعوبة الإغلاق الكامل للعين بجحوظ دائم قد يغير ملامح الوجه. وتزداد مخاطر تطور الزَرَق بسبب ارتفاع الضغط الداخلي داخل العين مع تقدم الحالة. لذا تظل المتابعة الطبية المستمرة والالتزام بالعلاج من العناصر الأساسية لتقليل هذه المخاطر.

يعتمد معظم المرضى على درجات خفيفة تتلاشى مع العناية المنزلية والسيطرة على نشاط الغدة، بينما تحتاج الحالات الأكثر شدة إلى متابعة طبية دقيقة وجراحة عند الحاجة. يظل التوازن بين علاج الغدة والعناية بالعين حجر الأساس لتخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة، مع تجنّب التدخين والإجهاد البصري. يؤكد الأطباء أن التزام المريض بالجدول العلاجي والمتابعة المستمرة يسهم بشكل كبير في تحسين النتائج وتخفيف عبء المرض على العينين.

شاركها.
اترك تعليقاً