تكشف الدراسات الحديثة أن التهاب العمود الفقري المزمن لم يعد حكرًا على الرجال كما كان يُعتقد في الماضي، بل تسجل النساء معدل إصابة يقارب معدل الرجال مع فروقات في شدة الأعراض ومواقعها. وتوضح المصادر الصحية أن المرض مناعي ذاتي يهاجم أنسجة سليمة، خاصة المفاصل المرتبطة بالجزء الحوضي من العمود الفقري. هذه الفروقات تفرض نهجًا تشخيصيًا وعلاجيًا أكثر دقة وموضوعية للنساء لضمان رعاية عادلة.

الأعراض عند النساء

تظهر مبكرًا علامات مثل ألم منتشر في أسفل الظهر أو الوركين وتيبس صباحي يستمر لساعات. كما يعاني كثير من النساء من شعور مستمر بالإرهاق وضعف عضلي عام. قد يصاحب ذلك التهاب في العينين أو احمرار أمامي للعينين، وتورم في مفاصل اليدين أو الكاحلين، وزيادة الحساسية للألم عند الضغط. وتشير الأبحاث إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بحالات مصاحبة مثل الصدفية أو أمراض الأمعاء الالتهابية، مما يجعل التشخيص أكثر تعقيدًا.

لماذا تختلف الأعراض بين الجنسين؟

تشير المصادر الصحية إلى أن المرض لدى النساء يتبع نمطًا أبطأ انتشارًا غالبًا في المفاصل الصغيرة، في حين يميل الرجال إلى تأثير واضح ومباشر على الفقرات. وتؤثر هذه الفروقات في استمرار الأعراض وتعدد مواقعها، مما يجعل التقييم أكثر تعقيدًا. كما تؤثر في قرارات العلاج واختيار العلاجات المتكيّفة مع النساء.

أولاً تبدأ أعراض المرض في النساء عادة في سن أكبر نسبيًا، وهذا يجعلها تُخلط غالبًا مع علامات التقدم في العمر. ثانياً تشكو النساء عادة من ألم منتشر في أكثر من منطقة وليس مقصورًا على العمود الفقري. ثالثًا تظهر تغييرات الأشعة أقل وضوحًا عند النساء مقارنةً بالرجال، ما قد يؤدي إلى نتائج أشعة تبدو طبيعية رغم وجود الالتهاب.

رابعًا تكون الاستجابة لبعض العلاجات البيولوجية غير متسقة عند بعض النساء، مما يتطلب متابعة دقيقة وتعديلًا في العلاج. خامسًا يؤثر العامل الهرموني، فالإستروجين قد يخفف الالتهاب في بعض الفترات ويزيده في فترات أخرى مثل أثناء الدورة الشهرية أو بعد انقطاع الطمث. سادسًا عادة ما يحتاج تشخيص النساء إلى وقت أطول بنحو تسع سنوات للوصول إلى تشخيص دقيق مقارنة بالرجال. سابعًا ترتبط الحالات بوجود أمراض مناعية أخرى مثل أمراض الأمعاء الالتهابية أو الصدفية.

تأثير المرض على صحة المرأة وحياتها اليومية

يتجاوز المرض الألم الجسدي ليؤثر في جودة النوم والطاقة والمزاج العام، مما ينعكس على النشاط اليومي. كما ينعكس ذلك في القدرة على ممارسة التمارين اليومية والعناية بالنفس كما في السابق. بالنسبة للخصوبة، لا تشير الأبحاث إلى انخفاض ملحوظ في فرص الحمل عند النساء المصابات، لكن بعض الأدوية المضادة للالتهاب أو الكورتيكوستيرويدات قد تؤثر على التبويض وجودة البويضات، لذا من الضروري استشارة الطبيب قبل التخطيط للحمل.

أثناء الحمل تختلف التجارب بين امرأة وأخرى، فبعض النساء يشعرن بتحسن مؤقت في الأعراض، بينما يزداد الألم والتصلب لدى أخريات خصوصًا في الأشهر الأخيرة. ويرجح أن يعود ذلك إلى التغيرات الهرمونية والوزن الزائد وضغط الجنين على الحوض.

صعوبات التشخيص عند السيدات

هناك سببان رئيسيان يجعلان المرض أكثر غموضًا لدى النساء هما: الأعراض غير النمطية التي تظهر عادة كألم في الكتف أو الركبة أو اليدين بدل الألم النموذجي في أسفل الظهر. والإشاعات المبكرة قد لا تكشف عن التهابات العمود الفقري، ما يؤدي إلى تشخيص خاطئ كإجهاد عضلي أو متلازمة آلام عامة، وهذا التأخير يؤخر العلاج المناسب.

وتؤدي النتائج الأشعة إلى تشخيص غير دقيق في بعض الحالات لدى النساء، ما يجعل كثيرًا منهن لا يحصلن على العلاج الملائم حتى مرور سنوات، وهو ما يسمح بتطور الالتهاب وتقدمه إلى مفاصل أخرى. وتُبرز الحاجة إلى تقييم دقيق ومتابعة مستمرة من أخصائي الروماتيزم لضمان تشخيص مبكر وعلاج فعال.

كيف يمكن إدارة المرض بفعالية؟

يستند التعامل مع المرض إلى دمج الدواء مع الحركة وتبني نمط حياة صحي. يشمل ذلك الالتزام بتمارين الإطالة اليومية للحفاظ على مرونة العمود الفقري والمتابعة المنتظمة مع طبيب الروماتيزم. يُوصى أيضًا باستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأدوية البيولوجية عند الحاجة وفق إشراف الطبيب، مع التركيز على التحكم في العوامل المحفزة مثل التدخين وقلة النوم والتوتر.

وختامًا، تساهم تغذية غنية بالأوميغا-3 في تقليل الالتهاب وتحسين الصحة العامة، كما يساهم الحفاظ على وزن صحي ونوم منتظم في تعزيز الاستجابة للعلاج وتحسين جودة الحياة للنساء المصابات بهذا المرض.

شاركها.
اترك تعليقاً