يعلن عالم الاجتماع ريتشارد توين أن ازدياد ظهور النظام الغذائي آكل اللحوم على وسائل التواصل الاجتماعي يعكس رد فعل عنيفاً على الدعوات لتغيير النظام الغذائي. ويضيف أن ملء الأطباق باللحوم لم يعد مجرد خيار غذائي بل يمثل رفضاً للاستدامة ونصائح الصحة العامة والمفاهيم السائدة حول الأكل المسؤول. وتشير مصادر أخرى إلى أن الادعاءات بتحسن الوزن والبشرة وتقليل الانتفاخ لم تثبت صحتها في التجارب السريرية. ويرى آخرون أن أكل اللحوم يمثل استعادة لأسلوب غذائي قديم مستوحى من صيادي العصر الحجري القديم.
تشير تقارير إلى أن أول التغيرات التي يلاحظها متبعو حمية آكلة اللحوم تتعلق بالجهاز الهضمي، مثل انخفاض الانتفاخ والغازات وتخفيف الخصر. وتوضح أن في ظل غياب تجارب طويلة الأمد حول هذه الحميات، تبقى الادعاءات الصحية في معظمها مجرد تكهنات. عندما تنفد الكربوهيدرات، يستخدم الجسم مخزون الجليكوجين للحصول على الطاقة، ومع حرقه يتطاير الماء فيحدث فقداناً سريعاً للماء قبل الدهون. لاحقاً يدخل الجسم في حالة الكيتوزية حيث تصبح الدهون المصدر الأساسي للطاقة وتعمل هذه الحالة على تقليل هرمونات الجوع وتعزيز الشبع، ما يفسر شعور الكثيرين بخفة ونقص الجوع في الأسابيع الأولى.
دراسات وآثارها
تظهر دراسة عشوائية مُقطعة أُجريت عام 2022 أن اتباع نظام منخفض الفودماب يقلل بشكل ملحوظ من آلام البطن والانتفاخ واضطرابات البراز لدى البالغين المصابين بمتلازمة القولون العصبي. لكن هناك مشكلة هي أن إزالة الألياف لفترات طويلة قد تضعف قدرة الأمعاء على تحملها. وتقول عالمة التغذية إميلي بربا إن المرة التالية التي يتناول فيها الشخص طعاماً نباتياً قد تُبالغ أمعاؤه في رد فعلها لأنها فقدت البكتيريا الماهرة التي تُساعد على هضم هذا الطعام، مما يُسبب أعراض إضافية ويعزز العادات التقييدية.
فوائد الألياف ومخاطر الإقصاء
تشير الأبحاث التي أُجريت في 2023 إلى أن تناول كميات كبيرة من الألياف يقلل من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 22%، بما في ذلك الوقاية من سرطان القولون والمستقيم. ويرى الباحثون أن الألياف تلعب دوراً وقائياً قوياً في تعزيز الصحة العامة. في المقابل، يبين النظام الغذائي الذي يعتمد على اللحوم فقداناً في المغذيات النباتية الأساسية مثل فيتامين ج ومضادات الأكسدة والمركبات النباتية المغذية. كما يشير إلى أن تناول كميات كبيرة من البروتين الحيواني يثقل كبد الشخص وكليته ويرتبط بزيادة خطر حصوات الكلى والإجهاد على المدى الطويل.
القلب والصحة العامة
يُحذر أطباء القلب من الحميات القائمة على اللحوم الحمراء والمصنعة نظرًا لارتفاع نسبة الدهون المشبعة والكوليسترول. ورُبطت هذه العناصر بارتفاع مستويات الكوليسترول الضار LDL، وهو عامل مخاطرة رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك يظل جمهور كبير يتجه إلى هذه الحميات بسبب مشاكل الجهاز الهضمي وعدم تحمل الطعام أو أعراض المناعة الذاتية.
أسباب دعم الإقصاء والتبني
تظل حميات الإقصاء تلقى قبولاً واسعاً بين أفراد يعانون من مشاكل هضمية مزمنة أو تحسس غذائي أو أعراض مناعية ذاتية. ويعتقد بعض المتبعين أنها توفر حلاً بسيطاً ونمطاً غذائياً واضحاً يحقق نتائج سريعة. في المقابل، لا تدعم الأدلة العلمية فاعليتها على المدى الطويل وتؤكد المصادر الصحية ضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يحافظ على المغذيات النباتية. ويؤكد الخبراء أن الاعتماد المستمر على اللحوم دون تنويع قد يُعرِّض الصحة للمخاطر.