أعلنت تقارير صحفية حديثًا أن صيام الماء أصبح أحد الاتجاهات الأكثر انتشاراً بين من يسعون إلى فقدان الوزن بسرعة. وتقوم الفكرة على الامتناع التام عن تناول الطعام والمشروبات باستثناء الماء لفترة تتراوح بين يوم واحد وثلاثة أيام. يرى بعض الأشخاص أن هذا الصيام يطهر الجسم من السموم ويعيد له توازنه، ويؤكدون أنه يساعد في تجديد الخلايا. بالرغم من ذلك، تظهر النتائج العلمية أن الحقيقة أكثر تعقيداً وأن الصيام قد يمنح الجسم راحة مؤقتة ويفعّل بعض العمليات المفيدة، ولكنه ليس حلاً طويل الأمد للفقدان الصحي للوزن.

لماذا يلجأ الناس إليه

وفقا لعدة تقارير، تختلف الأسباب من شخص لآخر، فيرى البعض أنه وسيلة سريعة لفقدان الوزن أو لإراحة الجهاز الهضمي. كما تشير هذه التقارير إلى أن بعض الدراسات تلمّح إلى فوائد محتملة، لكنها حذّرت من تطبيقه دون إشراف طبي أو لمسافات زمنية طويلة. يظل الإطار الآمن الجمع بين نظام غذائي متوازن ونشاط بدني ونوم كاف، مع التوجيه الطبي عند التفكير في صيام الماء.

الفوائد التي سجلها الباحثون

تشير مراجعات إلى أن للصيام آثاراً بيولوجية قد تفيد الجسم عند البدء به بشكل محدود، منها تحفيز عملية الالتهام الذاتي التي تعمل على تنظيف الخلايا من الداخل. وتظهر نتائج كثيرة أن هذه العملية قد تساند في الوقاية من أمراض مرتبطة بالتقدم بالعمر وتُفيد في تحسين كفاءة الخلايا. كما يقال أن الصيام يساعد في تحسين استجابة الخلايا للهرمونات المنظمة للشهية والتمثيل الغذائي، رغم أن الأدلة البشرية لا تزال محدودة.

أفادت أبحاث على أشخاص يعانون من ارتفاع الضغط أن الصيام المائي تحت إشراف طبي أدى إلى انخفاض الضغط إلى مستويات أكثر استقراراً. وأظهرت إحدى الدراسات أن أكثر من 80% من المشاركين وصلوا إلى معدل ضغط دم صحي بعد أسبوعين من الصيام المستمر. كما يساهم هذا التغيير في تعزيز التوازن الدوري للدم ويعكس تحسنًا محتملًا في الدورة الدموية.

تشير بيانات إلى أن خلال الصيام تصبح الخلايا أكثر استجابة للأنسولين واللبتين، ما يعني قدرة أفضل على تنظيم الشهية والأيض. وهذا قد يساهم في فقدان الوزن بطريقة أسرع وأكثر استقراراً على المدى القصير، رغم أن النتائج البشرية ليست حاسمة حتى الآن. وتظل هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات الطويلة الأمد لتأكيد هذه التأثيرات.

أظهرت تجارب على البشر انخفاض مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول بعد يوم واحد فقط من الصيام المائي، وهو مؤشر إيجابي لصحة القلب. كما أشارت تجارب على الحيوانات إلى أن الصيام يقلل من الأضرار التي تسببها الجذور الحرة وهي جزيئات تسرّع الشيخوخة وتضعف المناعة. وهذه النتائج ما زالت تحتاج إلى إثبات في البشر على فترات أطول.

المخاطر لا تقل أهمية

خسارة الوزن أثناء الصيام قد تكون غير صحية، إذ يفقد الجسم في البداية الوزن من الماء والكتلة العضلية وليس من الدهون الفعالة. وهذا يجعل النتيجة مؤقتة وتتكرر بسهولة عند انتهاء الصيام إذا لم يتبع الشخص نظاماً غذائياً متوازناً. كما أن الاعتماد على الصيام المائي وحده قد يعرض الجسم لنقص في العناصر الغذائية الأساسية.

قد يبدو غريباً أن الجسم يحتاج أيضاً إلى الطعام كمصدر للماء يصل إلى نحو 30% من احتياجات الجسم، وبناءً عليه قد يصاب الصائم بالجفاف رغم شرب الماء بكميات كبيرة. من أبرز أعراض الجفاف: التعب، والصداع، والدوخة، والإمساك، وانخفاض ضغط الدم. لذلك يحذر الخبراء من القيادة أو ممارسة أنشطة قد تتطلب تركيزاً أثناء الصيام.

يواجه بعض الصائمين دوخة أو شعوراً بالدوار عند الوقوف نتيجة انخفاض ضغط الدم الانتصالي. لذا تُنصح بتجنب الأنشطة التي تتطلب توازناً جيداً أو قيادة المركبات أثناء الفترة الصيامية. كما يجب الانتباه إلى علامات الإنذار والالتزام بتوجيهات الطبيب المختص.

قد يصير صيام الماء باعثاً لمخاطر كبيرة لدى من يعانون من حالات مثل النقرس أو اضطرابات السكر في الدم، حيث قد يؤثر سلباً على توازناته. كما قد يفاقم اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية الشديد أو الشره المرضي في بعض الأشخاص. لذلك يحظر استخدامه كخطة علاجية دون إشراف طبي مخصص.

يلقي الضوء أن فقدان الوزن خلال الصيام المائي قد يكون سريعاً في البداية، لكنه غالباً ما يكون فقداناً موقتاً وغير مستدام. قد يعاود الجسم الوزن المفقود بسرعة بعد انتهاء الصيام إذا لم يتبع الشخص نظاماً غذائياً متوازناً. لذلك يفضل الأطباء اعتماد الصيام المتقطع كخيار أكثر أماناً يسمح بتناول وجبات صحية متوازنة ضمن أوقات محدودة.

كيف يمكن الصيام بأمان؟

ينصح باستشارة الطبيب قبل البدء بأي نظام صيام، كما يُفضّل التحضير بتقليل الطعام تدريجيًا قبل الصيام الكامل لمدة يومين إلى ثلاث أيام. ويجب شرب ما لا يقل عن لترين إلى ثلاثة لترات من الماء يوميًا وتجنب الأنشطة المرهقة خلال فترة الصيام. وعند كسر الصيام، يُستحسن البدء بعصائر طبيعية أو وجبات بسيطة وخفيفة ثم العودة التدريجية إلى النظام الغذائي المعتاد.

شاركها.
اترك تعليقاً