كشفت دراسات واستطلاعات رأي حديثة عن تحول ثقافي عميق وغير مسبوق في المجتمع الأمريكي، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة في البحث عن شريك، بل أصبح شريكاً بحد ذاته.

وقد تجاوزت هذه الظاهرة كونها مجرد «موضة عابرة» لتدخل مرحلة التبني الواسع، ما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقات البشرية والصحة النفسية.

أرقام صادمة

كشف استطلاع حديث أن ما يقرب من ثلث الأمريكيين (حوالي 28% إلى 33%) أقاموا شكلاً من أشكال «العلاقة الرومانسية» مع روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT أو Character.ai.

وتتركز الظاهرة بشكل خاص بين فئة الشباب (الجيل Z)، حيث أشار تقرير صادر عن Match.com إلى أن 33% من العزاب من هذا الجيل قد انخرطوا في علاقات مع رفيق آلي.

ويرى جزء كبير من المستخدمين أن الروبوتات توفر لهم دعماً عاطفياً أقوى وشعوراً بالفهم العميق، حيث قال 44% إن الروبوت يمنحهم دعماً عاطفياً أقوى و45% إنهم يشعرون بأنه يفهمهم بشكل أعمق.

الشركاء الرقميين

تعود الجاذبية الهائلة لروبوتات الدردشة بوصفها «شركاء» إلى مزاياها الاصطناعية التي تتفوق على تعقيدات العلاقات البشرية، وعلى عكس الشريك البشري يكون الروبوت متاحاً على مدار الساعة، ما يلبي الحاجة الفورية للدعم والمحادثة دون قيود زمنية.

كما يجد المستخدمون في الروبوتات ملاذاً آمناً للكشف عن أسرارهم ومخاوفهم العميقة دون خوف من النقد أو الأحكام السلبية، ما يعزز الشعور بالأصالة في التعبير، كما يوفر الروبوت تجربة تفاعلية مستقرة ومتوقعة، بعيداً عن تقلبات المزاج أو الخلافات التي تميز العلاقات الإنسانية.

الوجه المظلم للرومانسية الآلية

على الرغم من الدعم العاطفي الظاهري، تثير هذه الظاهرة مخاوف جدية بين الخبراء النفسيين والاجتماعيين، حيث تشير بعض الأبحاث إلى وجود ارتباط مقلق بين الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي الرومانسي ونتائج الصحة النفسية الأقل جودة، بما في ذلك ارتفاع مستويات الاكتئاب وانخفاض الرضا العام عن الحياة.

كما يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الروبوتات بوصفها «رفيقاً اجتماعياً شخصياً» إلى إضعاف المهارات التفاعلية اللازمة لبناء علاقات بشرية صحية وإلى عزلة أكبر في العالم الحقيقي.

ومن المفارقات أن الدراسة وجدت أن الأشخاص المرتبطين بعلاقات بشرية ملتزمة هم أكثر احتمالاً لاستخدام الروبوتات الرومانسية من العزاب، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول مفاهيم الإخلاص والخيانة العاطفية في العصر الرقمي.

إن الرومانسية الآلية لم تعد مجرد خيال علمي، بل هي واقع أمريكي يتشكل بوتيرة سريعة، ما يدفع إلى التساؤل هل العالم بصدد استبدال الروابط الحقيقية التي تنطوي على المخاطرة والمعاناة بعلاقات رقمية مثالية لكنها خالية من الروح.

شاركها.
اترك تعليقاً