يبدأ القلق من الفحص عادةً بأعراض مبهمة لا تفسير واضح لها. يمر الزمن وتتزايد الحيرة مع التأخر في النتائج وتعدد التشخيصات المحتملة. يواجه المريض عبئًا ثقيلًا في الانتظار الذي يضعفه داخليًا ويتركه عالقًا بين الخوف من المجهول والعجز عن الفعل. يجعل هذا القلق تجربة نفسية قاسية بقدر ما هي صحية عندما يُدار بطرق سليمة.
ما هو قلق الفحص؟
يشير مصطلح “قلق الفحص” إلى حالة القلق المستمر عند انتظار نتيجة اختبار طبي أو تشخيص لحالة الإنسان. تصفه الدراسات بأنه مزيج من الخوف والترقب وعدم اليقين، وقد يمتد لأيام أو أسابيع. بحسب دراسات طبية حديثة، تصل نسبة من يعانون من هذا القلق إلى أكثر من 80% بين مرضى السرطان أثناء انتظار نتائج فحوصهم. ولا تقتصر الحالة على مرض بعينه بل تصيب من يجد نفسه في مواجهة غموض صحي يصعب تفسيره.
حين يصبح الانتظار أصعب من المرض
توضح الدكتورة كيت سويني أن الإنسان حين ينتظر خبرًا طبيًا يدخل في حالة “شلل مؤقت” يحول دون اتخاذ خطوات عملية، لأن المجهول لا يمكن التنبؤ بنتائجه. وبمجرد صدور التشخيص، حتى وإن كان غير مطمئن، يشعر المريض بانفراج نسبي لأنه صار يملك وضوحًا يسمح له بالتصرف. ويشير الأخصائيون إلى أن الانتظار الطويل يمكن أن يستهلك الطاقة الذهنية والعاطفية، وقد يؤدي إلى اضطرابات في النوم أو الأكل وربما تراجع المناعة نتيجة الضغط النفسي المستمر.
الجانب الإيجابي للانتظار
لكن مع ذلك، يمكن أن يحمل الانتظار درسًا مهمًا في التكيف والمرونة. بحسب Everyday Health، يساعد قلق الفحص بعض الأشخاص على تطوير المرونة النفسية، وهي القدرة على التعامل مع المجهول بثبات أكبر. وتوضح الدراسات أن هذه المرونة تشبه عضلة تُقوى بالممارسة وليست فطرة، فالمريض الذي يتعلم الصبر ويدرك أن القلق جزء طبيعي من التجربة يصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات الصحية المستقبلية دون أن ينهار نفسيًا.
بناء المرونة أثناء الانتظار
ترى الدكتورة روزاليند دورلين أن المرونة تنشأ عندما يواجه الإنسان الخوف بالوعي ويعترف به كأول خطوة نحو تجاوزه، وتوصي باستراتيجيات بسيطة لتسهيل التكيف مع فترات الانتظار الطبي. كما تؤكد أن المرونة تُبنى عبر تغيير طريقة التفكير والتحكم في ما يمكنك السيطرة عليه والانشغال الإيجابي، وتجنب البحث المفرط عن الأعراض، والاستعانة بالدعم الاجتماعي. كما تشدد على أهمية التنظيم والتنفس العميق وأخذ فترات راحة متقطعة للحفاظ على الاتزان الذهني.
من الخوف إلى النضج النفسي
تشير دراسات متعددة إلى أن الأشخاص ذوي المرونة الأعلى يتعاملون مع الأمراض المزمنة بشكل أفضل ويقل لديهم خطر الاكتئاب مقارنة بغيرهم. وعلى الرغم من قسوة القلق، يمكن أن يتحول إلى تجربة تعزز وعي الإنسان بجسده وتنمّي لديه مهارة الصمود. إنه ليس ضعفًا بل تمرين نفسي يعزز الثقة والقبول.
يتعلم الفرد من هذه التجربة كيف يعتني بجسده وبصحة علاقاته، وكيف يطور أدواته النفسية لمواجهة التحديات المقبلة. وتؤكد الخبرات أن القبول بالقلق كجزء من الرحلة يساعد على التكيف بشكل أفضل. وبذلك يتحول الخوف من تهديد محتمل إلى فرصة للنمو الشخصي والصمود أمام التحديات الصحية.