تعلن الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، خلال افتتاح الدورة الـ72 للجنة الإقليمية، أن الإقليم يواجه أعلى تركيز من الأزمات الإنسانية في العالم. وتشير إلى أن نحو 115 مليون شخص في الإقليم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، أي ما يقرب من واحد من كل ستة أشخاص. وتوضح أن المنظمة تستجيب حاليًا إلى 15 حالة طوارئ ضمن الإقليم، منها 8 حالات بلغ التصنيف فيها أعلى مستوى. كما لفتت إلى أن الإقليم يستضيف نحو نصف النازحين داخليًا في العالم وأكثر من نصف اللاجئين.
الوضع الإنساني في الإقليم
وتناولت الأزمة الإنسانية في السودان وغزة، وحالات الطوارئ الطويلة في أفغانستان واليمن وسوريا والصومال، إذ دفعت النُظم الصحية إلى حافة الهاوية، بينما تواجه بعض الدول أزمات متزايدة مع الزلازل الأخيرة في أفغانستان. كما أشارت إلى أن الدعم الإنساني الدولي انخفض إلى مستوى قياسي، ما يتهدد المكاسب التي تحسّنت في مجالات الأمن الصحي ورصد الفاشيات ومكافحتها. أضافت أن خطة الاستجابة العالمية تواجه فجوة تمويلية تقارب 80%، وهو معدل غير مسبوق في وقت تتزايد فيه الاحتياجات.
وقالت الدكتورة أنيت هاينزلمان، القائمة بأعمال مدير البرنامج الإقليمي للطوارئ، إن البيئة التي نعمل فيها تتغير لكنها ليست للأفضل. فنواجه تراجعًا في إيصال المساعدات وتآكل احترام القانون الإنساني الدولي، كما وصل التمويل العالمي إلى نقطة الانهيار. وأوضحت أن هذه التغييرات تزيد الضغوط وتواجه خطة الاستجابة العالمية.
الإنجازات الإقليمية
وفي غزة، أصبحت المنظمة أكبر مزود للأدوية والإمدادات الأساسية، حيث تمد الوقود والسلع الطبية إلى 51 شريكًا في 32 مرفقًا وتتيح أكثر من 22 مليون علاج وجراحة منذ أكتوبر 2023. كما دعمت الإجلاء الطبي لـ7,841 مريضًا، منهم 5,405 أطفال. وفي السودان، واصلت المنظمة دعم المستشفيات ومراكز إسعاف حالات سوء التغذية وتوفير الأدوية الأساسية، وساهمت في احتواء فاشيات الكوليرا والحصبة وسط النزوح والظروف القاحلة. وقد تلقى أكثر من 17 مليون شخص لقاحات الكوليرا الفموية بين أغسطس 2024 وأغسطس 2025، وتظل المنظمة الجهة الوحيدة التي تمد مراكز الإسعاف المعالجة لسوء التغذية الوخيم بمساعدة طبية، وتدعم علاج نحو 30 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الوخيم في الأشهر التسعة الأولى من 2025.
وفي أفغانستان، بعد زلزال أغسطس، نشرت المنظمة فرق استجابة سريعة خلال 24 ساعة، وسلّمت أكثر من 52 طنًا متريًا من الإمدادات الطبية، وقدمت 13 ألف استشارة خلال أيام. وتواصل المنظمة تعزيز الخدمات الصحية الأساسية في ظل الظروف الصعبة وتقديم الدعم للمرافق الصحية المتضررة. وتستمر الجهود في إطار تدخلات صحية ضرورية للحماية من الأمراض وتخفيف المعاناة.
دعم الاستعداد والاستمرار في التمويل
وتؤكد الدكتورة بلخي أن عمل منظمة الصحة العالمية وشركائها لا غنى عنه لحماية الأمن الصحي وإنقاذ الأرواح يوميًا، وأن التخفيضات الأخيرة في التمويل تزيد الضغوط على برامج الطوارئ. وودعت الدول الأعضاء إلى دعم الاستمرار في القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ وتخصيص التمويل لحماية وظائف المنظمة والدول الأعضاء في إدارة الطوارئ، والدعوة إلى حماية الرعاية الصحية ودعم مبادئ الإنسانية والقانون الإنساني الدولي. وأشارت إلى أن الاتفاق النهائي لمكافحة الجوائح يقترب، فدعونا نستعد لمواجهة التحدي العالمي المقبل، فالإعداد ليس تكلفة بل استثمار في السلام والاستقرار وفي حياة شعوبنا.
التزامات الدول الأعضاء
وأكدت الدول الأعضاء أن الأمن الصحي مسؤولية جماعية وتتطلب مزيدًا من الاستثمارات في التأهب والقدرة على الصمود والتعاون عبر الحدود وتبادل المعلومات. وأشاروا إلى أن التمويل المستدام والقابل للتنبؤ به أمر حيوي للتأهب والاستجابة، مع الاعتراف بدور صندوق الطوارئ الاحتياطي الآلية الحيوية لاتخاذ إجراءات فورية عند الأزمات. كما شددوا على أن الاستثمار المستمر في الصحة العمومية يساند التنمية المستدامة ويحول دون الانتكاسات الصحية.