أعلن فريق بحث بقيادة الدكتور بوين يان أن التغيرات الخلوية في خلايا الدم تؤثر بشكل مباشر في التمثيل الغذائي وتفتح الطريق أمام اختبارات دم تنبؤية وتدخلات وقائية مستقبلية، مما يعزز فرص الوقاية من الأمراض المزمنة وحتى السرطان عبر تعديلات بسيطة في نمط الحياة أو النظام الغذائي. وتوضح النتائج أن هذه التغيرات قد تمهد لإجراءات تمنع تطور الأمراض من خلال التدخلات الشخصية في السلوك اليومي. كما يؤكد الفريق أن ما توصلوا إليه يفتح آفاقًا جديدة لإعادة فهم دور الدم في أمراض الأيض ويقدّم أسسًا عملية للوقاية والعلاج.
تشير النتائج إلى تراكم طفرات في الحمض النووي لخلايا الدم الجذعية بنخاع العظم مع التقدم بالعمر. ومع أن معظم هذه الطفرات لا تسبب مشاكل، إلا أنه في بعض الحالات تتفوق الخلايا الحاملة للطفرات على الخلايا الطبيعية وتؤدي إلى ما يسمى بمتلازمة تكون الدم النسيلي. وتبيّن دراسات واسعة على سجلات البنك الحيوي البريطاني وبرنامج All of Us أن المتلازمة ترتبط بارتفاع مخاطر السمنة والسكري، إضافة إلى صلة محتملة بسرطانات الدم. وكانت الاعتقادات السابقة تقضي بأن السمنة هي المحفز الرئيسي لتغيرات الدم، في حين تكشف النتائج الحديثة أن طفرات الدم قد تكون السبب الأساسي.
دور خلايا الدم الجذعية وطفراتها
نفذ الباحثون تجربة زرعوا فيها طفرة جينية شائعة في متلازمة تكون الدم النسيلي في نظام دم فئران سليمة. وأظهرت الفئران الحاملة للطفرات أنها تستهلك غذاءً أكبر وتكتسب الوزن بسرعة أكبر مقارنة بالفئران غير الحاملة. كما أصيبت بارتفاع سكر الدم وظهرت لديها مشاكل في الكبد، وتفاقمت هذه التأثيرات عند اتباعها نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون والسكريات. وقالت الباحثة الأولى أولغا غوريانوفا إن الطفرات في الدم هي المسؤولة عن هذه الحالات، وأن معرفة وجودها قد يعزز الوعي بالمخاطر ويسهم في إدارة الأمراض المزمنة باستخدام أدوية أو تدخلات في نمط الحياة.
تجارب الفئران وأثرها
تشير النتائج إلى إمكانية التنبؤ بخطر السمنة وأمراض التمثيل الغذائي وإدارته بشكل أكثر فاعلية، وهو ما يسهم في تقليل مخاطر السرطان المرتبطة بتلك الحالات. ويخطط الفريق حاليًا لاستكشاف الآليات التي تسبب هذه الطفرات وتقييم أدوية السكري وأدوية إنقاص الوزن الجديدة لمعرفة قدرتها في الوقاية من الأمراض الناتجة عن تغييرات خلايا الدم أو عكسها. ونشرت الدراسة في مجلة الأبحاث السريرية كإشارة إلى وجود علاقة سببية بين طفرات الدم والأمراض الأيضية.
آفاق الوقاية والتطبيقات
خلال هذه النتائج تتضح إمكانات التنبؤ بخطر السمنة وأمراض التمثيل الغذائي وإدارته بشكل أكثر فاعلية، وهو ما قد يخفف من مخاطر السرطان المرتبطة بتلك الحالات. وتخطط الفرق الآن لاستكمال دراسة الآليات التي تسبب هذه الطفرات وتقييم أدوية السكري وأدوية إنقاص الوزن الجديدة لمعرفة قدرتها في الوقاية من الأمراض الناتجة عن تغييرات خلايا الدم أو عكسها. وتبرز مكانة البحث كخطوة مهمة في فهم العلاقة بين طفرات الدم والأمراض الأيضية وتوجيه الفحص الدموي إلى تطبيقات وقائية ملموسة.
خلاصة القول، تمثل هذه النتائج خطوة مهمة في فهم الرابط بين طفرات الدم والأمراض الأيضية وتفتح الطريق لتطوير فحوصات دم أكثر دقة وتدخلات وقائية شخصية. كما تمهد الطريق لإمكانات تقليل مخاطر السمنة والسرطان من خلال تطبيقات عملية في الوقاية والعلاج. وتؤكد النتائج ضرورة متابعة البحث وتقييم العلاجات الجديدة الخاصة بالسكري وفقدان الوزن كسبيل للحد من الآثار الصحية لتغيرات خلايا الدم.