تشير التقييمات العالمية إلى تزايد أعداد المصابين بمقدمات السكري، وهي الحالة التي تسبق الإصابة بالنوع الثاني من السكري. وتتميز هذه المرحلة باضطرابات في مستويات سكر الدم لكنها لا تصل بعد إلى تصنيف السكري. وتُعد بمثابة إنذار مبكر يفرض تغيير نمط الحياة قبل تفاقم المرض. ويشير خبراء إلى أن نحو 70% من المصابين بمقدمات السكري يُساهمون في التطور إلى السكري من النوع الثاني خلال الحياة، مما يجعل الاكتشاف المبكر ذا أهمية حيوية.

وتؤكد دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature Medicine أن العلاج في هذه المرحلة لا يعتمد فقط على فقدان الوزن، بل يمكن تحقيقه من خلال تعديل نمط الحياة وتنظيم مستويات الجلوكوز حتى دون خسارة الوزن. وأظهرت النتائج أن من استطاعوا استعادة توازن سكر الدم دون إنقاص وزنهم انخفضت لديهم احتمالية الإصابة بالسكري في المستقبل بشكل كبير. كما أشارت الدراسة إلى أن الحفاظ على استقرار السكر يمكن أن يقلل المخاطر المرتبطة بالسكري حتى لو لم يتغير الوزن بشكل ملحوظ.

الدهون والسكر

تعتقد الأبحاث أن تخزين الدهون يلعب دورًا مهمًا في تطور مقدمات السكري، إذ يرتبط تراكم الدهون الحشوية، وبخاصة في منطقة البطن، بضعف تنظيم الجلوكوز. وأظهرت النتائج أن من تعافوا من مرحلة ما قبل السكري أظهروا انخفاضًا واضحًا في دهون البطن خلال عام، مقارنةً بمن لم يتمكنوا من استعادة تنظيم السكر. كما أشار الباحثون إلى أن نوع الدهون ومكان تراكمها أكثر أهمية من الكمية الإجمالية في تأثيرها على حساسية الأنسولين.

مخاطر وسمات المرحلة السابقة

تُعد مرحلة ما قبل السكري من الحالات الخفية بمعظمها، إذ لا تظهر أعراض واضحة لدى كثيرين، لكنها تضاعف مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية وتزيد احتمالية ارتفاع ضغط الدم ومشكلات الكلى. ويحذر الأطباء من وجود إشارات بسيطة قد تدل على وجود مقدمات السكري مثل اسمرار الجلد في مناطق الإبط وخلف الرقبة، أو وجود زوائد جلدية صغيرة، أو تغيّرات في النظر. وتُعد الفحوصات الدورية وتحليل التمثيل الغذائي الأساسي الطريقة الدقيقة لاكتشاف الحالة مبكرًا.

تغيير نمط الحياة كعلاج أساسي

تؤكد الدراسات أن التعديلات في نمط الحياة تشكل حجر الأساس للوقاية من السكري، وتشمل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام والنوم الكافي وتقليل التوتر. ويؤكد الدكتور أندرياس بيركنفيلد من مستشفى جامعة توبنغن أن عودة قيم السكر إلى المستويات الطبيعية يمكن أن تحدث حتى دون خسارة الوزن، وفي بعض الحالات قد يرافقها وزن زائد بسيط، وتؤدي إلى تقليل خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري بنسبة تصل إلى 70% خلال عشر سنوات. كما أشارت أبحاث أخرى إلى أن فقدان 5% من الوزن وتحسن تنظيم السكر خلال عام يقلل خطر النوع الثاني من السكري بنسبة نحو 73% مقارنة بمن فقدوا الوزن دون تحسن في مؤشرات ما قبل السكري.

إرشادات عملية لعلاج ما قبل السكري

يوصي الخبراء باتباع خطة شاملة تتضمن محاور رئيسية. أولها اتباع نظام غذائي متوازن يقلل السكريات البسيطة والكربوهيدرات المكررة مع زيادة الألياف والخضروات والبروتينات الخفيفة. ثانيها ممارسة نشاط بدني منتظم لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا، مع الالتزام بالنوم الكافي وتخفيف التوتر عبر تقنيات التنفس أو التأمل. ثالثها المتابعة الدورية مع الطبيب لمراقبة مستويات السكر وضغط الدم والدهون في الدم لضمان نجاح الخطة.

نتائج مشجعة

تشير النتائج الحديثة إلى أن نحو ثلث المصابين بمقدمات السكري يمكنهم العودة إلى مستويات جلوكوز طبيعية باستخدام تغييرات نمط الحياة فقط. وتظهر المتابعة أن الحفاظ على هذا التحسن لعدة سنوات يقلل خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري بنسبة تتجاوز 60%. كما أن السيطرة المبكرة على هذه المرحلة تساهم في تقليل مخاطر أمراض القلب والكلى والدماغ إضافة إلى تحسين المؤشرات الصحية المرتبطة.

شاركها.
اترك تعليقاً