اتجاهات إنتاج وتجارة السيارات العالمية والتنقل الذكي
يصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تقريراً جديداً يسلط الضوء على اتجاهات إنتاج وتجارة السيارات عالمياً، كما يتناول التحول العالمي نحو أنظمة التنقل الذكي والمستدام، مع إبراز أبرز الشركات الرائدة عالميًّا وتوطين الصناعة في مصر. يوضح التقرير أن إجمالي الإنتاج العالمي من المركبات بلغ 92.5 مليون مركبة في 2024، مقابل 91.83 مليون مركبة في 2019، بارتفاع نسبته 0.73% وفقاً للمنظمة الدولية لمصنعي السيارات (OICA). كما أشار إلى أن إنتاج سيارات الركوب بلغ 67.67 مليون سيارة في 2024، ما يمثل 73.2% من الإجمالي، وأن الصين تصدّرت الدول المنتجة بسياساتها بإنتاج 27.48 مليون سيارة، أي 40.6% من الإجمالي العالمي، تليها اليابان ثم الهند.
وتشير البيانات إلى أن صادرات المركبات وأجزائها بلغت 1.8 تريليون دولار في 2024، وهو ما يعادل نحو 7.5% من إجمالي صادرات السلع العالمية. أما صادرات سيارات الركوب فبلغت 948.13 مليار دولار في 2024، مرتفعة بنحو 39.8% عن 2015، بينما بلغت وارداتها 977.21 مليار دولار. وأظهر التقرير أن ألمانيا حافظت على مركز أكبر مصدر لسيارات الركوب بقيمة 174.55 مليار دولار في 2024، أي نحو 18.4% من الإجمالي العالمي، وتلتها اليابان 11.3% والصين 9.5%. كما سجلت الولايات المتحدة أكبر واردات من سيارات الركوب بنحو 219.5 مليار دولار في 2024، تشكل 22.5% من الإجمالي العالمي، وتأتي ألمانيا والمملكة المتحدة في المرتبتين التاليتين.
يتناول التقرير مفهوم التنقل الذكي بأنه دمج الحلول التكنولوجية للوصول إلى نموذج نقل أكثر مراعاة للبيئة، في حين يستند التنقل المستدام إلى إطار التنمية المستدامة الشامل. ويحدد الدافع الأساسي للتحول إلى التنقل الذكي والمستدام بأنه اقتصادي، وبيئي، وأمني، واجتماعي. وتضم منظومة التنقل الذكي والمستدام تقنيات مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الجيل الخامس، إضافة إلى المركبات الكهربائية ومنصات مشاركة الركوب والقيادة الذاتية وإعادة التدوير. وتُظهر الحركة العالمية للسوق بأن هناك نمواً متواصلاً في قيمة هذا القطاع مع تعزيز الكفاءة وتخفيض الأثر البيئي.
أشارت التقارير إلى نمو سوق النقل الذكي العالمي ليصل إلى نحو 124.6 مليار دولار في 2024، بزيادة 15.2% عن 2022، ومن المتوقع أن يحقق معدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.8% خلال 2025-2034. وتصدر أمريكا الشمالية السوق بحصة تقارب 33% وإيرادات تقارب 42 مليار دولار في 2024، بفضل بنيتها التحتية المتقدمة واعتمادها الواسع للمركبات الكهربائية ومشروعات المدن الذكية. ورغم التقدم، لا تزال هناك تحديات رئيسة مثل الخصوصية والأمن السيبراني وتحديات تشريعية وتمويلية واجتماعية.
جهود توطين صناعة السيارات في مصر
تؤكد التقارير أن مصر تبدي اهتماماً بالغاً بتنمية صناعية شاملة وتحقيق نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الحديثة، مع إطلاق مبادرات تعزز التنافسية وجودة المنتجات بما يتماشى مع المعايير العالمية. وبموجب السياسات التطويرية، أنشئ المجلس التنفيذي لإحلال الواردات وتعميق الإنتاج المحلي في 2021 لتوحيد الجهود والتنسيق بين الجهات المعنية. وإلى جانب ذلك أطلقت منصة مصر الصناعية الرقمية لتوفير الخدمات الصناعية إلكترونياً وتسهيل إجراءات الأراضي والتراخيص، مع الدفع الإلكتروني لجميع الرسوم من موقع واحد. كما تطرح المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية ‘ابدأ’ تعزيز الاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توطين التنمية والابتكار.
تستهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعة 2024-2030 رفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي من 14% إلى 20% سنوياً بحلول 2030، ورفع نسبة مساهمة الصناعات الخضراء إلى 5%، ومضاعفة فرص العمل في القطاع من نحو 3.5 مليون إلى 7 ملايين. وتُواصل الدولة خطوات لتوطين صناعة السيارات عبر الاستراتيجية الوطنية لتوطين الصناعة في مصر وتأسيس المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل السيارات صديقة البيئة، إضافة إلى وحدة صناعة السيارات التابعة لوزارة الصناعة، والبرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات AIDP وبرنامج حوافز إنتاج السيارات الجديد. كما خصصت الحكومة 5.2 مليار جنيه في موازنة 2025/2026 لدعم صندوق تمويل السيارات صديقة البيئة.
بلغ إجمالي عدد الشركات المؤسسة في هذا المجال 192 شركة، ورأس المال المُصدر الإجمالي 7,205.52 مليون جنيه، بما يعكس ثقة المستثمرين وتنامي النشاط في القطاع. وشهد حجم سوق السيارات في مصر خلال الفترة من يناير 2023 حتى مايو 2025 نمواً ملحوظاً، حيث ارتفعت المبيعات من نحو 5.38 آلاف وحدة في يناير 2023 إلى 14.3 ألف وحدة في مايو 2025، بمعدل نمو يصل إلى 127.7% مقارنة بمايو 2024. كما بلغ إجمالي السوق خلال الفترة نفسها 58.08 ألف سيارة من يناير إلى مايو 2025، وهو ارتفاع قدره 94.83% عن الفترة المقابلة من 2024.
استحوذت سيارات الركوب على 77.6% من السوق خلال الفترة المذكورة، تليها الشاحنات 16.5% والحافلات 5.9%. وتبين أن فئة CKD (المفككة بالكامل) استحوذت على 57.7% من السوق مقابل 42.3% للسيارات المكتملة الصنع، وهو ما يعكس توجهاً لتوطين التصنيع المحلي وتقليص تكلفة الاستيراد. وارتفع العدد الإجمالي للسيارات المكتملة الصنع إلى 24.59 ألف سيارة في الفترة يناير–مايو 2025، مقابل 12.36 ألفاً في الفترة المماثلة من 2024، فيما ارتفع CKD من 17.45 ألفاً إلى 33.49 ألفاً.
تنبئ تقارير التصنيف والبيانات بأن Fitch Solutions ترى أن قطاع إنتاج السيارات بمصر سيشهد تحسناً إضافياً في 2025 مدفوعاً باستقرار أسعار الصرف وتخفيف القيود على الاستيراد، مع توقع أن تبرز السيارات الكهربائية كمجال رئيسي للتوسع. وتؤكد الوكالة وجود فرص نمو قوية مدعومة بوجود مساحة جغرافية واسعة وانخفاض معدل ملكية السيارات وعدد سكان الشباب، إضافة إلى وجود مناطق تجارة حرة توفر طرازات مستوردة تنافسية. كما يربط التقرير بين التحسنات الاقتصادية المرتقبة ونتائج الاتفاقات الدولية والدعم الحكومي في تعزيز مبيعات السيارات محلياً.
يستعرض التقرير اتفاقيات ومشروعات لدعم صناعة السيارات منها اتفاقيات لتصنيع وتجميع السيارات، ومشروعات تدعم الصناعات المغذية وتطوير السيارات الكهربائية، إضافة إلى جهود إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات وتوطين سلسلة الإمداد. وتؤكد الفقرات النهائية أن توطين صناعة السيارات في مصر يمثل فرصة استراتيجية للنمو الاقتصادي ونقل التكنولوجيا وخلق فرص عمل، وتستلزم تسريع الإجراءات وبناء شراكات محلية ودولية والتوسع في المشروعات الوطنية. وتُشدد الخلاصة على ضرورة تكامل السياسات والتمويل والتدريب لتعزيز مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي قادر على المنافسة العالمية.