توضح الدراسات أن مرض الزهايمر من أكثر الأمراض العصبية غموضًا، فهو لا يظهر فجأة بل تتسلل علاماته ببطء إلى حياة الإنسان. تشيِر التقديرات إلى أن العلامات المبكرة قد تظهر قبل التشخيص الرسمي بما يصل إلى نحو 18 عامًا، وهو ما يجعل التمييز بين التغيرات الطبيعية المرتبطة بالتقدم في العمر وبين الإنذارات الأولى تحديًا رئيسيًا. كما يشير الخبراء إلى أن ما يصل إلى 25% من الأشخاص الذين تجاوزوا 65 عامًا ويعانون من مؤشرات ضعف إدراكي بسيط قد تتحسن حالتهم تمامًا خلال عام واحد. وقد شهد فهم المرض تطورًا مهمًا خلال الخمسين عامًا الماضية، فبدل النظر إليه كخرف مرتبط بالشيخوخة أصبح يُعرَف كمجموعة أمراض دماغية تؤثر في الذاكرة والتفكير والسلوك.
علامات مبكرة واختبار مبكّر
أوضح الدكتور بيتر رابينز، مؤسس قسم الطب النفسي لكبار السن في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، أن اختبارًا بسيطًا من عشرة أسئلة يمكن من خلاله اكتشاف العلامات المبكرة للزهايمر في دقيقة واحدة. يرتكز الاختبار على أسئلة تقيس صعوبات في تذكر أسماء الأصدقاء المقربين وأداء المهام اليومية وتنظيمها، إضافة إلى تأثيرات بعض الأدوية على التركيز والانتباه. كما يغطي جوانب أخرى مثل التغيرات الشخصية والقلق الإدراكي واضطرابات النوم والانخراط الاجتماعي، وتسجيل ملاحظات العائلة كعامل مساعد في التشخيص المبكر. ويؤكد رابينز أن فهم المرض تطور بشكل ملحوظ خلال الخمسين عامًا الماضية، وأن الزهايمر ليس نتيجة الشيخوخة فحسب بل اختلال دماغي يمكن رصده مبكرًا.
تشير الأبحاث إلى أن القلق المفرط بشأن الذاكرة أو القدرات الإدراكية قد يمثل إشارة مبكرة، ففيبدأ بعض الأشخاص بالانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو التوقف عن السفر خوفًا من الفشل في التفاعل. وتظهر تغيرات في أنماط النوم، فاضطرابات النوم المزمنة قد تسرّع التدهور الإدراكي، بينما قد تكون التغيرات المفاجئة في النوم علامة على تغيرات دماغية مرتبطة بالمرض. كما قد يفقد الشخص الاهتمام بالهوايات والأنشطة التي كان يستمتع بها، ويميل المحيطون إلى ملاحظة سلوك مختلف قد يعكس بداية التنكس العصبي. ويؤكد الأطباء أن الإصابة بالزهايمر ليست نهاية الحياة، إذ يعيش معظم المرضى نحو عشر سنوات بعد ظهور الأعراض الأولى، ويمكن تحسين جودة حياتهم عبر العلاج المبكر والدعم الأسري والتقييم المنتظم.