تؤكد الدراسات النفسية أن الأطفال يعيشون بين واقع محكوم بالعائلة والمدرسة وعالم افتراضي مفتوح بلا حدود. يلاحظون أن العنف الرقمي لم يعد مجرد مشهد بل تجربة يومية تؤثر في هويتهم العاطفية والاجتماعية. يتكوّن عندهم تأثير خفي من المحتوى العنيف في الألعاب والفيديوهات والمنصات على طريقة تفاعلهم وفهمهم للعلاقة بين القوة والفعل.
تشويه الهوية العاطفية
يقول الدكتور أحمد أمين إن المحتوى العنيف يعيد برمجة مشاعر الطفل بحيث يربط بين القوة والعدوان، ويظن أن الفوز يتحقق بالإيذاء. ينتج عن ذلك تآكل تدريجي في التعاطف وتقييم آلام الآخرين. وتظهر هذه السلوكيات في المدرسة والمنزل دون سبب واضح في كثير من الأحيان.
غياب القدوة الإنسانية
يؤكد الدكتور أحمد أمين أن القدوة لم تعد الأب أو المعلم أو الشخصية الكرتونية ذات القيم، بل باتت بطلة اللعبة أو يوتيوبر عدواني يربط البطولة بالعنف والسيطرة. يؤدي ذلك إلى غياب نماذج سلوكية صحية تكون مرجعًا عاطفيًا واجتماعيًا للطفل. يترك هذا الفراغ الطفل عرضة لتبني سلوكيات خاطئة تعرقل بناء شخصيته.
الصحة النفسية وتأثير العنف
تظهر الأبحاث أن التعرض المستمر للمحتوى العنيف يسبب اضطرابًا في تنظيم المشاعر ما يؤدي إلى سرعة الغضب أو البرود العاطفي. كما يصاحب ذلك ارتفاع في القلق الداخلي وصعوبات في النوم وضعف التركيز الدراسي. وتؤثر هذه التغيرات في قدرة الطفل على بناء علاقات قائمة على الثقة والتعاون.
إجراءات الحماية المقترحة
تفرض الحاجة تربية رقمية واعية تمكّن الأطفال من اختيار المحتوى بنظرة نقدية وتوفر بدائل تعليمية وترفيهية جاذبة. ويستلزم الأمر بناء نموذج أسري صحي يتيح حوارًا مفتوحًا وتفهمًا عاطفيًا داخل الأسرة، وتفعيل التعاون مع المدارس لإدراج التربية الرقمية ضمن المناهج. كما يجب وجود دعم نفسي مبكر عند ملاحظة علامات القلق أو العدوانية أو الانعزال.