أعلن فريق البحث في جامعة فلوريدا أتلانتيك نتائج دراسته الجديدة حول كيفية ظهور داء السكري من النوع الثاني في الأطفال. استخدمت الدراسة بيانات المسح الوطني لصحة الأطفال للفترة من 2016 إلى 2020، وركزت على فئة المواليد حتى الخامسة من العمر، وهي فئة ديموغرافية نادرة في أبحاث المرض. شملت البيانات ما يقرب من 174 ألف طفل على مستوى البلاد، من بينهم نحو 50 ألفاً في مرحلة الطفولة المبكرة، بهدف فهم أثر تجارب الحياة المبكرة وبيئاتها على مخاطر المرض.
وأظهرت النتائج المنشورة في دراسة Pediatric Research أن معدل انتشار النوع الثاني بين الأطفال دون سن الخامسة ظل منخفضاً ومستقراً تقريباً عبر فترة الدراسة. لكن تطور المرض بدا مرتبطاً بعوامل اجتماعية وبيئية أكثر من الاعتماد على سلوك فردي فحسب. على نحو لافت، رُبط وجود مكتبة قريبة في الحي بارتفاع فرص تشخيص المرض لدى الأطفال في عامي 2016 و2020، ما يعكس أنماط حياة سائدة في الأحياء الحضرية تشجع على الأنشطة الداخلية وتقلل من التفاعل البدني في الهواء الطلق.
كما أظهرت النتائج أن البيئات المحيطة مثل وجود الأرصفة والحدائق والمساحات الخضراء يمكن أن تؤثر مباشرة في قدرة الطفل على الانخراط بالنشاط البدني وبالتالي على مخاطر الإصابة. وتوضح النتائج أن الفوارق البيئية قد تفسر جزءاً من تفاوت المخاطر بين الأحياء بغض النظر عن العادات الفردية. هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية التخطيط العمراني وتوفير بيئة تشجع الحركة والرياضة للأطفال.
عوامل البيئة وخطر المرض
تؤكد النتائج أن السمنة تعتبر العامل الخطر الأكبر للنوع الثاني لدى الأطفال؛ إذ يزداد احتمال الإصابة بشكل واضح عند من يعانون من زيادة الوزن مقارنة بمن يحافظون على وزن صحي. تشير الأدلة إلى أن تقليل استهلاك المشروبات المحلّاة بالسكر خطوة أساسية للوقاية، خصوصاً وأن نحو 70% من الأطفال بين سنتين وخمس سنوات يتناولون هذه المشروبات يومياً. كما تدعو الدراسة إلى زيادة النشاط البدني وممارسة الرياضة اليومية. ويجب أن يركز المجتمع على توفير بيئة داعمة للحركة والتغذية الصحية منذ الطفولة.
وتشير النتائج إلى تزايد القلق الصحي العام حيال السكري من النوع الثاني بين الأطفال والمراهقين، إذ ارتفعت النسب من 1-2% سابقاً إلى نطاق 24-45%، مع متوسط عمر التشخيص نحو 13 عاماً. وتبرز الحاجة إلى تعاون الأسرة والمدارس والجهات الصحية لتعزيز بيئة تدعم الوزن الصحي والنشاط البدني منذ مراحل الطفولة. ويستلزم ذلك تبني استراتيجيات غذائية متوازنة وتقليل الاعتماد على المشروبات المحلاة وتوفير مسارات آمنة للنشاط البدني في المجتمعات.