تعلن الهيئة العامة للرقابة المالية عن نتائج مراجعة شركة الأولى للاستثمار والتنمية العقارية في ضوء التحقيقات الأخيرة، وهي من بين أبرز الملفات التي تشغل سوق المال المصري. أوضحت الهيئة أن الشركة تقدمت بطلب لاعتماد نشر تقرير الإفصاح وفق المادة 48 من قواعد القيد بغرض السير في إجراءات دعوة الجمعية العامة لزيادة رأس المال من 1.875 مليون جنيه إلى 286.875 مليون جنيه، لكن الطلب قوبل بالرفض في أغسطس 2024 بعدما كشفت مراجعة القوائم عن مخالفات وملاحظات جسيمة. وبعد نحو عام، أطلقت الشركة محاولة أخرى وطلبت زيادة رأس المال إلى 120 مليون جنيه، بزيادة قدرها 113.125 مليون جنيه، منها 73.8 مليون جنيه نقداً والباقي كأرصدة دائنة. وتبيّن أن التكلفة الإجمالية لاستكمال الإنشاءات والتشطيبات والمرافق للمشروع تبلغ 233 مليون جنيه، في حين خصصت الشركة 67.5 مليون جنيه فقط، ما يعكس فجوة تمويلية كبيرة بلا خطة واضحة لتغطيتها.
المسألة المحاسبية والمالية
أوضحت الهيئة أن الشركة لا تملك نظاماً مالياً ومحاسبياً معتمداً وتكتفي بتسجيل بياناتها في جداول Excel، وهو وضع غير اعتيادي لشركة مقيدة في البورصة. كما صدرت ضد رئيس مجلس الإدارة حكمين نهائيين من المحكمة الاقتصادية في مارس 2025، دون أن تتخذ الشركة الإجراءات القانونية اللازمة كما تقضيها قواعد القيد. كشفت القوائم المالية للفترة من نهاية ديسمبر 2024 حتى يونيو 2025 عن غياب أي إيرادات فعلية، ورصيد نقدي في الخزينة يقارب 80 ألف جنيه، إضافة إلى التزامات مالية بينها حكم نهائي قيمته أكثر من 47 مليون جنيه. وثبت وجود مخالفات صريحة لمعايير المحاسبة المصرية رقم 47 ورقم 1، وقيام الشركة بمصالحة بين أصولها والتزاماتها بما يخالف قواعد الإفصاح.
وضع مشروع أبراج العز في أسيوط
يقع المشروع على قطعة أرض نحو 8 آلاف متر مربع ويتضمن أبراجاً سكنية بارتفاع 11 طابقاً فوق الأرضي والبدروم. بدأت فكرة المشروع في 2009 وتَم ترخيصه في 2016 وفق قرار اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، بنسبة مشاركة 10% ارتفعت لاحقاً إلى 25%. أعلنت الشركة أن نسبة الإنجاز بلغت 91.5% وتكلفة تتجاوز 256.8 مليون جنيه، وتملك مساحات تفوق 14 ألف متر بقيمة تقارب 70 مليون جنيه لإعادة البيع، لكن الزيادات غير المحسوبة في تكاليف البناء وتضخم أسعار مواد التشييد منذ 2022 أدخلت المشروع في دوامة تمويلية، فقررت الشركة زيادة رأس المال لكنها حُرمت من الاعتماد حتى تصويب الملاحظات، مؤكدة أن الأرقام المقدمة لا تعكس الواقع المالي الحقيقي للشركة.
التداعيات والإجراءات التنظيمية
إلى جانب العثرات المالية، تواجه الشركة سلسلة دعاوى قضائية في القاهرة وأسيوط، أبرزها دعوى رقم 3063 لسنة 2020 أمام محكمة استئناف القاهرة تدعي دينا لا يقل عن 80 مليون جنيه، ودعوى مدنية أمام محكمة أسيوط الابتدائية تطالب بغرامة تهديدية وشرط جزائي قيمته 10 ملايين جنيه، إضافة إلى دعاوى فسخ عقود واسترداد أموال مدفوعة. ورغم أن الأحكام النهائية في تلك القضايا لم تصدر حتى الآن، أكدت الهيئة أن استمرار النزاعات دون معالجة مالية كافية يمثل مخاطر على استقرار الشركة ومركزها المالي، خاصة في ظل غياب إيرادات تشغيلية حقيقية. في ضوء هذه المخالفات، أصدرت الهيئة قراراً رسمياً برفض اعتماد تقرير الإفصاح وأوصت البورصة بدراسة نقل تداول أسهم الشركة إلى القائمة د، حتى تصويب الملاحظات والالتزام بمعايير الإفصاح والحوكمة، وأكدت أن الشركة بحاجة إلى خطة تمويلية واضحة وتدقيق مالي جاد قبل أي زيادة رأس المال.


