أصدر البنك الدولي تقريرًا حول الشمول الرقمي يوضح أن الانتشار الواسع للهواتف المحمولة لم يؤدِّ حتى الآن إلى شمول رقمي كامل. يذكر التقرير أن 84% من البالغين في الدول النامية يمتلكون هاتفًا شخصيًا، لكن 25% من هؤلاء يستخدمون هواتف بسيطة لا تحتوي على متصفح إنترنت. وبذلك يمتلك نحو 66% من البالغين هواتف ذكية قابلة لتشغيل التطبيقات. كما يؤكد التقرير أن الهاتف الذكي أصبح بوابة الدخول إلى التعلم والتجارة والتواصل عبر الإنترنت، رغم وجود فجوات حسب الطبقة الاجتماعية والفئات.

الفجوات الاجتماعية والإقليمية

تشير النتائج إلى وجود فروق ملحوظة بين الفئات الاجتماعية. فأفقر 40% من الأسر أظهروا امتلاكًا للهواتف أقل بنحو 8% مقارنة بالأغنياء. كما تقل حيازة الهواتف لدى النساء بمقدار 9% عن الرجال. وعند مقارنة المناطق، تصل نسبة امتلاك الهواتف الذكية في شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وآسيا الوسطى إلى نحو 80% من البالغين، بينما لا تتجاوز 33% في إفريقيا جنوب الصحراء و40% في جنوب آسيا.

وتنعكس هذه الفوارق في المشاركة الرقمية مثل استخدام وسائل التواصل والتعليم الإلكتروني وكسب الدخل عبر المنصات الرقمية، إذ تقل مشاركة النساء والفقراء في المناطق ذات الوصول المحدود للتقنيات الحديثة. ويرتبط ذلك بتوافر الشبكات والخدمات في كل منطقة، ما ينعكس في فرص التعليم والتعلم الإلكتروني والدخل عبر المنصات الرقمية. وتُظهر النتائج أن المناطق ذات الوصول الأضعف تتزايد فيها الفجوات بين الجنسين والفقراء. وبذلك يظل التفاوت بين المناطق دافعًا رئيسيًا لتعزيز الشمول الرقمي.

التحديات الاقتصادية والإدارية

يذكر التقرير أن العائق الأكبر أمام الشمول الرقمي هو تكلفة الأجهزة، فالقدرة على تحمل ثمن الهواتف الذكية تشكل السبب الرئيسي لعدم امتلاكها في إفريقيا وجنوب آسيا. كما أن الحلول البسيطة كالتوزيع المجاني أو المدعوم قد لا تكون فعالة في بعض الحالات، إذ أظهرت دراسات من تنزانيا وملاوي أن بعض النساء اللاتي حصلن على أجهزة مجانًا قمن ببيعها أو إعطائها لأحد أفراد الأسرة. ويشير التقرير إلى أن نقص الوثائق الرسمية يمثل عائقًا إضافيًا أمام الاندماج الرقمي، فالتأكد من الهوية لإصدار شريحة SIM يتطلب دليل هوية، وهو ما يفقده كثيرون في الاقتصادات منخفضة الدخل.

الأمن الرقمي والحرص على الحماية

كما يشير التقرير إلى مخاطر الأمن الرقمي، إذ يتلقى نحو 20% من مالكي الهواتف رسائل احتيالية، وتصل النسبة إلى 30% في أميركا اللاتينية. كما يتعرض نحو 10% للمضايقات عبر الرسائل أو المنصات. ومع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، تزداد مخاطر الخداع الرقمي بأساليب أكثر إقناعًا.

التوصيات والختام

تؤكّد نتائج التقرير أن تعزيز الشمول الرقمي يحتاج إلى تعاون واسع بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لمعالجة تكاليف الأجهزة وقابلية الاستخدام والسلامة. لا يتحقق الوصول الرقمي العادل بمجرد امتلاك الأجهزة، بل بإيجاد بيئة رقمية آمنة وميسرة تتيح لجميع الأفراد، خصوصًا النساء والفقراء، الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي يوفرها التحول الرقمي. وحث التقرير على سياسات وآليات تضمن التوثيق وتسهّل تسجيل الشريحة وتبسيط إجراءات الوصول إلى الخدمات الرقمية.

شاركها.
اترك تعليقاً