تُعد التقييمات المستمرة أداة فعالة لتحقيق التعلم وتحفز الطلاب على متابعة دروسهم باستمرار دون تأجيل. وتُسهم في إعدادهم للامتحانات بشكل مستمر، مما يقلل قلقهم ويزيد من جاهزيتهم. وتُتيح تشخيص صعوبات الطالب مبكرًا وبالتالي معالجتها بشكل فوري. وتُبرز التحديات التي تواجه التطبيق في الواقع المدرسي وتلقي الأسر شكاوى متعددة بسبب أسباب متنوعة.
من أبرز الشكاوى تزايد عدد التقييمات بين الواجبات اليومية والأنشطة الصفية والمهام الأدائية، إضافة إلى اختبارات شهرية واختبار نهاية الفصل. وتتكرر التقييمات في أجزاء المقرر نفسه باستخدام أشكال مختلفة، ما يستهلك وقت الحصة.ويضيق كثير من المعلمين والطلاب بسبب ضياع وقت الحصة في التقييمات، ما يدفع إلى تقليل وقت الشرح.
وتثير قلة الوقت المخصص لشرح الدرس وعدم وجود مرونة في الجداول قلق الأسر مع تزايد صعوبة المناهج وتحديثها المستمر. كما أن وجود درجات مخصصة للتقييمات المختلفة يثير إشكالية، في حين أن نظم تعليمية دولية عدة تركّز على تعريف مستوى الطالب دون تسجيله في الدفاتر الرسمية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تُتاح فرص التعويض حين الغياب ما يدفع الأسر إلى إرسال الأطفال حتى في حالات المرض، وهو أمر يفاقم مخاطر نقل العدوى.
كما يواجه الطلاب أحياناً صعوبة في بعض الأسئلة ضمن التقييمات، ويُفرض على الطالب حل جميع التقييمات كتابة في كل درس، وهذا يمثل عبئاً. ويؤدي الاعتماد على الحلول المكتوبة بشكل مفرط إلى تقليل فرص فهم الطلاب للأفكار الأساسية. وعلى صعيد المناهج التي يتم تحديثها وتطويرها وتزايد صعوبتها، تواجه الأسر صعوبات في شرح الدروس لأبنائها وعدم وجود وقت كافٍ، مع الإصرار على حل التقييمات المرتبطة بالدروس.
وعلى صعيد آخر، يلجأ بعض الطلاب إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في حلول التقييمات، فيما قد تلجأ بعض الأسر إلى حلها نيابة عنهم، وهو ما يفقد التقييم هدفه التربوي. كما ترى الأسر أن التقييمات قد تحولت إلى وسيلة لإجبار الطلاب على الحضور إلى المدرسة أكثر من كونها آلية لتصحيح مسار التعلم. وتزداد هذه الصعوبات عندما تكون الأسرة لديها أكثر من طفل في مراحل دراسية مختلفة.
إجراءات مقترحة لتحسين التقييمات المستمرة
يطرح الدكتور تامر شوقي إجراءات لتحسين التقييمات المستمرة، وتتناول ما يلي بشكل موجز. ويؤكد في ذلك على وضوح المعايير وملاءمتها لمستوى الطالب. ويرتكز على تعزيز التكامل بين التقييمات وأساليب التدريس لتطوير التعلم الفعلي.
أولاً، تجنب تكرار التقييمات في نفس أجزاء المقرر. ويُسهم ذلك في تقليل الإرباك وتوفير وقت للشرح والتدريب. ويُطبق عبر الاعتماد على التقييم النصف شهري والشهري بجانب الواجبات اليومية وبعض الأداءات الصفية بما يحقق الأهداف التربوية دون تعقيد.
ثانياً، تقليل عدد التقييمات مع الاكتفاء بالتقييم النصف شهري والشهري، إلى جانب الواجبات اليومية. ويقلل ذلك من عبء الطلاب والمعلمين ويحقق توازنًا بين القياس والتدريس. وينبغي أن تكون التقييمات مناسبة لمستوى الطالب المتوسط وتراعي الزمن المتاح.
ثالثاً، أن تكون التقييمات في مستوى الطالب المتوسط. ويهدف ذلك إلى قياس المعرفة والمهارات بشكل عادل دون تحميل الطالب فوق طاقته. كما يجب توافر أدوات مناسبة لتقييم الأداء الفعلي وتطبيقها بشكل منتظم.
رابعاً، مراعاة حدود الوقت المتاح للطالب للاستعداد للتقييم. ويتطلب ذلك وضع جداول زمنية واقعية وتجنب إشغال الحصص بكل أنواع التقييم. كما يجب تهيئة بيئة تعلم تدعم التوازن بين التدريس والتقويم وتقلل من الإرباك.
خامساً، تنويع الأسئلة بين الموضوعية والمقالية. ويعزز ذلك قياس الفهم والتطبيق والمهارات التحليلية. ويمكن إدراج أسئلة عملية في بعض المساقات بما يسهم في تعزيز التعلم التطبيقي.
سادساً، تخصيص معظم وقت الحصة للدرس وتخصيص وقت أقل للتقييم في نهاية الشرح أو أثناءه. ويسهم ذلك في فهم المفاهيم بشكل أوسع وتجنب التشتت. كما يساعد في إعداد الطلاب لمواجهة الاختبارات بشكل أكثر ثقة وكفاءة.
سابعاً، عدم اشتراط أن تكون جميع التقييمات مكتوبة، فبعض الدروس تتطلب تقييمًا شفهيًا مثل القراءة والنحو والنصوص في اللغة العربية، وكذلك في اللغات الأجنبية. كما يمكن أن يكون التقييم عملياً في دروس العلوم داخل المعمل. وهذا التنويع يخفف العبء الكتابي ويعزز دقة القياس.
ثامناً، ألا يُرهق المعلم بتسجيل درجات كثيرة تفصيلية في الدفاتر لأنها قد لا تعكس الواقع. ويُفضل الاعتماد على تقارير مركزة توضح التطور العام للطالب وتترجم الجهد Learning الفعلي بشكل أوضح. وتقتضي هذه المقاربة توازنًا بين الاحتياجات الإدارية وجودة التقييم التربوي.


