أعلنت دراسات علمية حديثة أن السهر بعد منتصف الليل يظهر تأثيرًا واضحًا على الدماغ والوظائف الإدراكية والعاطفية. وتؤدي اليقظة المتأخرة إلى صعوبات في الانتباه وتباطؤ في اتخاذ القرار حتى حين يشعر الشخص بأنه يقظ. كما يؤثر اضطراب الإيقاع الحيوي على تنظيم النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، مما يؤدي إلى انخفاض سرعة الاستجابة وتزايد الاندفاعية في معالجة المعلومات. وتظهر هذه النتائج بشكل متكرر عند فئات عمرية مختلفة وتبرز الحاجة إلى ضبط النمط اليومي للحياة لضمان الأداء المعرفي في ساعات الليل المتأخرة.

أشارت نتائج منشورة في Frontiers in Network Physiology إلى أن وظائف الدماغ المعنية بالإدراك وتنظيم العواطف والسلوك تتدهور أثناء السهر. وتؤكد الدراسة أن التحولات البسيطة بعد منتصف الليل يمكن أن تغيّر الإيقاعات اليومية وتضعف قدرة الدماغ على معالجة المعلومات. كما يشير البحث إلى أن هذا الاضطراب يعطل أنماط اليقظة والاستعداد للراحة، وهو ما ينعكس على الأداء اليومي بشكل ملموس.

تأثير السهر على العقل

تكشف أبحاث منشورة في Frontiers in Neuroscience أن الحرمان من النوم يُطيل زمن استجابة الدماغ ويزيد من زمن رد الفعل. وهذا يدل على بطء في المعالجة المعرفية حتى لدى من يشعرون بأنهم مستيقظون بشكل كاف. وتزداد المخاطر بشكل خاص في مهام التركيز والذاكرة واتخاذ القرارات التنفيذية عندما يتكرر السهر.

وتترافق هذه الآثار مع تقلب المزاج وتزايد الانفعال والقلق. وتوضح النتائج أن اليقظة المتأخرة تزيد من احتمالية ارتكاب الأخطاء وتضعف التحكم العاطفي، وهو ما يؤثر سلبًا على الأداء اليومي والعلاقات الاجتماعية. وتظهر هذه التأثيرات عبر فئات عمرية مختلفة وتظهر مع تكرار السهر.

العواقب العاطفية والسلوكية للسهر

إلى جانب التأثيرات المعرفية، يزداد التأثير العاطفي للسهر بشكل واضح، حيث يصبح تنظيم العواطف أقل كفاءة خلال ساعات الليل. ويكون الأشخاص أكثر عرضة للانفعال والقلق وسوء المزاج وتتزايد حساسيتهم للتقلبات الاجتماعية. وتؤثر هذه التغيرات في التفاعلات اليومية واتخاذ القرارات المرتبطة بالحالة المزاجية بشكل عام.

مع مرور الوقت قد تتعزز آثار السهر في الأداء اليومي وتقل اليقظة المهنية، كما يلاحظ صعوبات في التركيز والنسيان وتراجع في الكفاءة التشغيلية. وتُشير نتائج الدراسات إلى أن الحرمان الطويل من النوم قد يساهم في اضطرابات النوم وزيادة العلامات السلبية على الصحة النفسية. وتظهر العلاقة القوية بين النوم الكافي والصحة العقلية كجزء من الحماية الذاتية.

المخاطر طويلة الأمد واستراتيجيات الوقاية

تشير النتائج إلى أن الحرمان المزمن من النوم يربط بتدهور الإدراك في المدى الطويل ويزيد مخاطر الشيخوخة الدماغية. كما تترافق هذه الحالة مع تغيرات في بنية المادة البيضاء وتراكم لويحات الأميلويد المرتبطة بمرض الزهايمر، مما يعزز أهمية المحافظة على نمط نوم منتظم كإجراء وقائي. وتؤكد الدراسات أن حماية الصحة الإدراكية تبدأ من تنظيم النوم والراحة الليلية.

ولتقليل الأضرار تُطرح استراتيجيات عملية، منها الحفاظ على جدول نوم ثابت والالتزام بالذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في أوقات محددة يوميًا. كما يُنصح بالابتعاد عن الهاتف والشاشات قبل النوم لتجنب الضوء الأزرق الذي يعيق إنتاج الميلاتونين ويؤخر النوم. كما يجب توفير بيئة نوم مريحة باردة ومظلمة وهادئة وتجنب المنبهات مثل الكافيين والتدخين والأطعمة السكرية في ساعات المساء. وأخيرًا يُستحسن اعتماد روتين مهدئ قبل النوم كقراءة هادئة أو تمارين استرخاء لإرسال إشارات إلى الدماغ بأن وقت الراحة قد حان.

شاركها.
اترك تعليقاً