تؤكد الدراسات الطبية الحديثة أن موجات الحر الشديد تشكل خطرا متزايدا على صحة الحوامل وأجنتهن. تشير تقارير إندبندنت إلى أن الأزمة تتفاقم مع استمرار تغير المناخ الناتج عن حرق الوقود الأحفوري وتكرار موجات الحر حتى خلال الليل. خلال الحمل، يخضع جسم المرأة لتحولات تجعل التعامل مع الحرارة المرتفعة أكثر صعوبة. يزيد حجم البطن من مساحة سطح الجسم ويبطئ التبريد، بينما ينتج الجسم حرارة داخلية أعلى ويجهد القلب بشكل إضافي.
تكمن المخاطر في أن آلية التبريد الطبيعية للجسم تعتمد على تحويل الدم نحو الجلد، وهو ما قد يقلل تدفق الدم نحو المشيمة ويؤثر سلبا على نمو الجنين. ارتفاع الحرارة يزيد من امتصاص الجسم للمواد الكيميائية الضارة، ما يضاعف المخاطر على الحوامل وجنينهن. وتزداد هذه المخاطر بشكل واضح في المجتمعات الأكثر فقراً حيث تتعرض النساء لظروف بيئية ومعيشية غير محمية. ولا تقتصر هذه التأثيرات على فترة الحمل بل تمتد إلى ما قبلها وبعدها.
تأثير الحرارة عبر مراحل الحياة
تبين الدراسات أن التعرض للحر الشديد قبل الحمل قد يؤثر في الحمل المستقبلي. كما ترتبط الحرارة بمخاطر ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل التي تهدد صحة الأم والجنين. بعد الولادة، قد تزداد مشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب في الأجواء الحارة، بينما قد يعاني الأطفال الذين تعرضوا للحرارة في الرحم من مشاكل نمائية خلال مراحل النمو. ويؤثر ذلك في التطور النمائي لاحقاً في الحياة.
وتؤكد الجهات المختصة الحاجة الملحة لإجراء أبحاث علمية أكثر تخصصاً في هذا المجال. وتشير إلى أن الدراسات المتوفرة ما تزال قليلة مقارنة بسائر التخصصات الطبية، خاصة مع تزايد موجات الحر وارتفاع شدتها وتكرارها عالميًا. وتؤكد نتائج هذه الأبحاث أهمية وضع إجراءات وقاية وتوعية للمجتمعات، خصوصاً في المناطق الأكثر فقراً. كما تبرز أهمية حماية النساء الحوامل من مخاطر الحرارة ضمن سياسات الصحة العامة.


