تبلغ مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2024 نحو 10.9 تريليونات دولار، وهو ما يمثل نحو 10% من الإجمالي العالمي. وتوضح أحدث دراسة سنوية للمجلس العالمي للسفر والسياحة توقعات باستمرار النمو، ليصل حصة القطاع إلى 10.3% بنهاية 2025 وقيمة تقارب 11.7 تريليون دولار. كما ستبلغ ذروة مساهمة القطاع 11.5% من الناتج المحلي العالمي في عام 2035 بقيمة تقارب 16.5 تريليون دولار، مما يعكس دوره كمحرك رئيسي للاقتصاد العالمي في ظل تطور الخدمات السياحية وعودة ثقة المسافرين عالميًّا.

شهد حجم الإنفاق من قِبل الزائرين الدوليين ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ نحو 1.9 تريليون دولار في عام 2024 مسجلًا نموًا بنسبة 11.6% مقارنة بعام 2023. وارتفع عدد الوافدين إلى 1,470 مليون في 2024، بزيادة عن 1,307 مليون في 2023 وبنمو قدره 12.5%. كما بلغت الإيرادات السياحية نحو 1,735 مليار دولار في 2024 محققة نموًا قدره 12.9% مقارنةً بعام 2023. وتعكس هذه المؤشرات تعافي القطاع من أثر جائحة كوفيد-19 وتزايد الثقة في السفر العالمي.

المتاحف كركيزة للسياحة الثقافية

تؤكد النتائج أن المتاحف تشكل ركيزة أساسية في دعم السياحة الثقافية، حيث تسهم في تعزيز الفوائد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية على المستويين المحلي والدولي. وتظهر نتائج مؤشر المتاحف العالمي 2023، الصادر عن Themed Entertainment Association وشركة AECOM، ارتفاع أعداد الزوار في معظم المتاحف العالمية مقارنةً بعام 2022، حيث يتصدر Louvre قائمة الأكثر زيارة بنحو 8.9 ملايين زائر في 2023. وتبرز الصين بنمو ملحوظ في عدد متاحفها الإقليمية مثل متحف مقاطعة هوبي ومتحف هونان، بينما تحافظ الولايات المتحدة عبر متاحف كبرى مثل Met وتحقق المتاحف البريطانية زيادة في الزوار. يعكس هذا النمو نجاح المتاحف في جذب الزوار عبر تحسين العروض والتكيف مع التحديات العالمية.

المشهد السياحي المصري

تبلغ نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي المصري 3.7% خلال عامي 2024–2025، وهو ما يعكس التنوع الكبير في المقومات السياحية وجعل القطاع أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي. وتشير التطوّرات إلى ارتفاع هذه النسبة من 2.4% خلال 2021/2022 إلى 3.7% في 2024/2025، مع تعافٍ في الحركة الدولية وتطور البنية التحتية السياحية والترويج الخارجي. كما تعد السياحة أحد القطاعات السبعة التي حددتها رؤية مصر 2030 كقاطرات للنمو الاقتصادي، وتظهر اتجاهات إيجابية في الإيرادات السياحية والقدرة التنافسية للمقصد.

شهدت إيرادات السياحة في مصر تطوراً ملحوظاً خلال الفترة 2014/2015 – 2023/2024، فبعد تراجعها خلال 2015/2016 إلى 3.8 مليارات دولار ثم 4.9 مليارات في 2020/2021 نتيجة أثر جائحة كوفيد-19، عادت إلى تسجيل أعلى مستوى قياسي في 2023/2024 بنحو 14.4 مليار دولار، بارتفاع 34.6% مقارنة بعام 2021/2022. وخلال الفترة (يوليو–مارس) من السنة المالية 2024/2025 ارتفعت الإيرادات السياحية أيضًا إلى 12.5 مليار دولار مقارنة بـ 10.9 مليارات في الفترة نفسها من 2023/2024، بزيادة قدرها 14.7%.

بلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر في العام المالي 2023/2024 نحو 14.9 مليون سائح، مقابل 13.9 مليون في 2022/2023، بمعدل نمو 7.2%. كما ارتفعت عدد الليالي السياحية ليصل إلى 154.1 مليون ليلة في 2023/2024 مقارنة بـ 146.1 مليون ليلة في 2022/2023، بنمو 5.5%.

تمتلك مصر بنية تحتية سياحية واسعة ومتنوعة، حيث بلغ إجمالي المنشآت السياحية الفندقية نحو 1.27 ألف منشأة حتى أكتوبر 2025، كما بلغ عدد محال العاديات والسلع السياحية نحو 3.44 ألف محل، و1.6 ألف مطعم وكافتيريا سياحية، و608 مراكز غوص وأنشطة بحرية، و17.23 ألف مركبة سياحية، و2.24 ألف شركة سياحة، وهي بنية تعزز من قدرة القطاع على استيعاب النمو وتطوير العروض.

شهد عام 2023 ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الاكتشافات الأثرية إلى 115 اكتشافًا مقارنةً بـ 57 اكتشافًا في 2022، بزيادة قدرها 101.8%، ما يعكس تكثيف الجهود الحكومية والدولية في التنقيب والارتقاء بالتراث. كما قامت وزارة السياحة والآثار خلال 2023 بافتتاح نحو 38 مشروعًا شملت مقابر ومواقع أثرية ومتاحف ومساجد وكنائس ومعابد، مقارنة بـ 13 افتتاحًا في 2022، ما يعزز العرض السياحي المصري. وتؤكد هذه المؤشرات التزام الدولة بتطوير الموارد التراثية كرافد رئيسي للتنمية الاقتصادية والسياحية.

وفقت مصر في مؤشر التنمية Travel and Tourism Development Index 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في المركز 61 من بين 119 دولة، وهو تحسن عن المركز 66 في 2019، وبلغت قيمة المؤشر نحو 3.96 نقاط في 2024 مقابل 3.79 نقاط في 2019، كما جاءت في المرتبة السادسة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى المستوى العالمي قفزت مصر ستة مراكز لتدخل ضمن الدول الـ25 الأوائل في التصنيف الدولي، وهو دليل على عودة السياحة المصرية إلى المشهد العالمي وتزايد ثقة الأسواق الدولية بها كشريك آمن وجاذب. كما تصدّرت مصر قائمة الوجهات السياحية الرائدة في إفريقيا للعام 2024/2025 وفق تصنيف Nation Brand Performance.

توقعت وكالة فيتش أن يصل عدد السياح الوافدين إلى مصر نحو 17.76 مليون سائح بنهاية 2025، بارتفاع سنوي قدره 13.12% مقارنةً بـ 15.7 مليون سائح في 2024، وتوقعت أن يبلغ 18.56 مليون سائح في 2026، ومع منتصف الفترة 2025–2029 يظل النمو السنوي المتوسط نحو 5.7% ليصل إلى نحو 20.65 مليون سائح بحلول 2029. كما ترتفع العائدات إلى نحو 17.1 مليار دولار في 2025 وتصل إلى نحو 19 مليار دولار في 2029، مع الإشارة إلى أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون دفعة قوية للقطاع باستيعاب نحو 5 ملايين زائر سنويًا.

استعرض التقرير أبرز الجهود المصرية لتطوير القطاع من خلال محاور رئيسة أبرزها الإصلاح المؤسسي والتشريعي، إذ أصدرت السلطات عددًا من القوانين الحديثة لتنظيم القطاع وحماية التراث الحضاري ودعم الاستثمار السياحي وتطوير المتاحف. كما عملت الدولة على رفع القدرة التنافسية للمقصد المصري من خلال تحسين جودة الخدمات والسياحة والبنية التحتية واستقطاب الوفود السياحية وترويج السياحة المصرية.

الإصلاح المؤسسي والتشريعي

أصدرت السلطات تشريعات حديثة لتنظيم القطاع وحماية التراث الحضاري وتطوير الاستثمار السياحي وتحديث المتاحف، بهدف تعزيز الإطار التنظيمي وتسهيل الإجراءات وتوفير بيئة مواتية للنمو.

رفع القدرة التنافسية للمقصد المصري

تركز الجهود على تحسين جودة الخدمات السياحية وتطوير البنية التحتية ووسائل النقل والترويج للمقصد، إضافة إلى دعم العاملين وتسهيل دخول الوفود وتيسير إجراءات الاستثمار وتعزيز الحركة الترويجية الخارجية.

تعزيز المشاركة الاجتماعية وتطوير الموارد البشرية

نفذت وزارة السياحة والآثار برامج تدريب وتأهيل لأكثر من 42,960 من العاملين عام 2024 في مجالات جودة الخدمات وسلامة الغذاء والسياحة المستدامة وإدارة الأزمات، إضافة إلى تنظيم دورات متخصصة للمرشدين وأصحاب البازارات لتحسين عروضهم وخدماتهم.

التسويق والتحول الرقمي

اعتمدت الوزارة استراتيجية رقمية تقوم على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الترويج للمقاصد المصرية وتطوير تجربة الزوار، ومن أبرز مبادراتها إعلان الشراكة مع شركة ميتا في 11 نوفمبر 2024 لإطلاق مشروع Revival لإحياء الحضارة المصرية عبر تجارب واقع معزز.

التوازن البيئي والاستدامة

أطلقت وزارة السياحة والآثار مشروع تحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء لتعزيز الاستدامة البيئية للنشاط السياحي وتخفيف الأثر البيئي.

شاركها.
اترك تعليقاً