تصاعد المطالَب والتداعيات السياسية
أشارت صحيفة لاراثون الإسبانية إلى أن الحديث عن إقالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يزال مطروحاً بقوة في المشهد السياسي، رغم تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو وتزايد الانقسامات داخل البرلمان. وقالت إن في 16 أكتوبر نجا رئيس الوزراء من تصويت بحجب الثقة قدمته حركة فرنسا الأبية، بعد امتناع الحزب الاشتراكي عن التصويت ضد الحكومة. وأعربت المعارضة عن اعتبار هذا الامتناع خيانة انتخابية واتفاقاً سرياً مع قصر الإليزيه. وبرر الاشتراكيون موقفهم بتأجيل إصلاح التقاعد المثير للجدل.
وفق تقارير اقتصادية، تشمل السياسات تخفيض إعانات السكن والمعاشات، ورفع الضرائب على ذوي الأمراض المزمنة والمتقاعدين. أثارت هذه الإجراءات غضباً واسعاً في الشارع الفرنسي وأعادت الجدل حول مشروعية استمرار الرئيس في منصبه. ويرى محللون أن هذه السياسات تساهم في تراجع الدعم الشعبي وتؤثر في مسار الولاية الرئاسية.
بعد التصويت، أعلنت حركة فرنسا الأبية عزمها تقديم مذكرة جديدة لعزل الرئيس، مؤكدة أن ماكرون هو المسؤول الأول عن الفوضى السياسية والاجتماعية. وأشارت الحركة إلى أن الرئيس يعتمد على تحالفات ظرفية داخل البرلمان تمنع مساءلته، رغم اتساع دائرة الغضب الشعبي وتراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ بداية ولايته الثانية. كما دعا رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب إلى رحيل مبكر للرئيس وتعرض وزير التعليم السابق جابريال أتال لانتقادات علنية لقراراته.
الإطار الدستوري والسيناريوهات المحتملة
قبل أيام، ساهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في منع مناقشة مذكرة سابقة لعزل الرئيس. وأفادت وسائل إعلام فرنسية بأن هناك تحالفاً غير معلن بين التطرفين اليميني والوسطي لإنقاذ ماكرون من السقوط. وتتهم حركة فرنسا الأبية حزب التجمع الوطني بعرقلة جميع محاولات المعارضة للإطاحة بالحكومة، حيث منعت التصويت على أكثر من 25 مذكرة حجب ثقة خلال العامين الأخيرين. ويرى نواب اليسار أن لوبان غير قادرة حالياً على الترشح في انتخابات رئاسية مبكرة بسبب قضايا مالية معلقة أمام البرلمان الأوروبي.
ويرى مراقبون أن المادة 68 من الدستور الفرنسي تمنح البرلمان حق عزل الرئيس إذا ارتكب إخلالاً واضحاً بواجباته بما لا يتوافق مع ممارسة مهامه. وهي مادة ذات طبيعة سياسية وليست قضائية، ما يجعل قرار العزل رهناً بإرادة النواب لا المحاكم. ويؤكد هؤلاء أن هذا النص قد يشكل المخرج القانوني الوحيد في حال تفاقم الأزمة.
في المقابل، يصر أنصار ماكرون على أن الحديث عن عزله مبالغ فيه ويهدف إلى إشعال الصراع السياسي قبل الانتخابات الأوروبية المقبلة. ويشيرون إلى أن الرئيس لا يزال يحظى بدعم كاف داخل البرلمان لتجاوز محاولات المعارضة. مع الغضب الشعبي وتراجع الثقة في المؤسسات، تبدو احتمالات الإطاحة بماكرون أقرب من أي وقت مضى.


