يقف مسجد قول شريف في قازان بجماله الأزرق والبياض على ضفاف نهر كازانكا، أحد روافد نهر الفولغا. يعكس البناء قبة زرقاء ضخمة وأربع مآذن تكسوها ألوان الأزرق والأبيض. تبرز ساحة المصلى الرحبة وأبوابه الخشبية الطويلة وزخارفه الإسلامية التي تضيء المساحة عند الدخول. وتُزيّن الأرضية بسجاد إيراني فريد أهدته إيران للمسجد، كما تحتفظ ألواح زجاجية بكسوة الكعبة التي أهدت للمكان من المملكة العربية السعودية.
التاريخ والترميم
بُني المسجد الأصلي في القرن السادس عشر خلال فترة خانية قازان، وكان من أكبر المساجد في أوروبا حينها. في عام 1552 دُمّر خلال الغزو الروسي بقيادة إيفان الرهيب عندما قاد الإمام قول شريف طلابه للدفاع عن المدينة فاستشهد. أعيد بناء النسخة الحديثة بين عامي 1996 و2005 احتفاءً بالذكرى الألفية لتأسيس مدينة قازان. افتُتح المسجد رسميًا في 24 يوليو 2005 ليكون أحد أكبر المساجد في روسيا وأوروبا ورمزًا معماريًا وثقافيًا لتتارستان.
الزيارة والتجربة الروحية
يستقبل المسجد الزوار بجو روحي يعكس زخارفه ومصاحفه المتعددة التي تتوزع حول الساحة. يقف قارئ مرتدي لباسًا تقليديًا ويؤدي تلاوته للقرآن بخشوع من غرفة زجاجية أمامية، ما يضفي هدوءًا على المكان. تتناثر حوله محلات صغيرة تبيع سُبحًا ومصليات وعباءات بأسعار مناسبة مما يجعل الزيارة تجربة متكاملة. يؤكد الزوار أن الصلاة في المسجد تجمع أشخاصًا من خلفيات مختلفة في صفوف واحدة يحفها الاحترام والتسامح.
التواصل والتأثير الثقافي
تربط مسجد قول شريف علاقة وثيقة بمؤسسة الأزهر الشريف، حيث يخرج أئمة من الأزهر ليشرفوا على نحو ثمانين مسجدًا في تتارستان ويلهون في مدارسها الإسلامية. ويؤكد الإمام أن الأزهر يعد واحدًا من أبرز منابر الإسلام على مستوى العالم وله دور محوري في تأهيل الكوادر الدينية. وتظهر هذه الروابط التنوع المعماري والحضاري في تتارستان، حيث تتعايش المساجد مع الكنائس وتبرز قيم الوحدة الوطنية. وتساهم هذه الرحلة في فهم حضارة مبهرة تجمع بين التراث الإسلامي والحداثة وتفتح آفاقها أمام الزوار من مختلف الدول.


