يقف تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير كحارس خالد لتاريخ مصر، حيث يتجاوز ارتفاعه 11 متراً ويدن وزنُه نحو 83 طناً من الجرانيت الوردي المستخرج من أسوان. عُثر عليه في منطقة ميت رهينة قرب منف، وجرى اكتشافه في ثلاثينيات القرن الماضي على يد العالم الإيطالي جيوفاني كافيجليا، مع بقاء ملامحه دقيقة رغم التآكل. كان رمسيس الثاني قائداً عظيماً وفارساً للحضارة، فصار رمزاً للعظمة والخلود في ذاكرة الإنسانية.
رمسيس الثاني: حارس التاريخ
نقلت الحكومة التمثال في خمسينيات القرن الماضي من موقعه الأصلي إلى ميدان رمسيس في قلب القاهرة، ليكون شاهداً على نهضة العاصمة الحديثة ويتوسط الميدان الذي يحمل اسمه. رافق ذلك النقل حضور المصريين والسياح وتحوّل التمثال إلى رمز بصري يعكس أصالة الحضارة المصرية. وأعربت الجهات المعنية عن الحرص على الحفاظ على التمثال من التلوث والاهتزازات الناتجة عن الحركة الحضارية للميدان.
رحلة النقل إلى المتحف الكبير
وفي عام 2006، قررت الحكومة نقل التمثال إلى موقعه الجديد أمام المتحف المصري الكبير في الجيزة، تمهيداً لاستقباله عند الافتتاح. شارك في التنفيذ عشرات المهندسين وخبراء الآثار. اعتمد الفريق على تقنيات هندسية حديثة لضمان سلامة التمثال خلال الرحلة وتفادي أي أذى. وكانت الرحلة محاطة بمتابعة إعلامية عالمية وتفاعل شعبي واسع يعكس مكانة الملك في وجدان الأمة.
التثبيت النهائي في البهو العظيم
وفي عام 2018، نفذ الفريق التثبيت النهائي للتمثال داخل المتحف نفسه، ووضعوه أمام الواجهة الزجاجية المطلة على الأهرامات. تضيء أشعة الصباح ملامحه عبر الواجهة الزجاجية، فيبدو كأنه يفتح صفحة جديدة في تاريخه. وتصطف حول التمثال عشرات القطع الأثرية التي تروي قصة ملك آمن بالخلود. إنه رمز لعظمة مصر القديمة وبقائها حاضراً في قلب الحدث.
رمز الخلود والحضور المستمر
إنه ليس مجرد تمثال بل روح مصر القديمة في ثوب حديث يحرس تاريخها ويفتح مستقبلها بثقة ملوكها. وهو أول ما يلتقي به الزائر عند الدخول، وهو يعكس فكرة أن الحضارة لا تموت بل تتجدد عبر الأجيال. وتحيط به قطع أثرية من عصره تروي قصة الملك الذي آمن بالخلود. يقف شاهداً على إرث مصر العريق كوجه المتحف الذي يعبر عن رسالة تاريخية تظل حية في ذاكرة الإنسانية.


