أعلنت دراسة نُشرت في Science Advances أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة نحو حل أحد أقدم ألغاز علم الأعصاب، وهو كيفية احتفاظ الدماغ بالذكريات رغم تغيّر وتجدد خلاياه. وأوضح العلماء أن الأبحاث السابقة ركّزت على جزيئات منفردة مسؤولة عن تقوية نقاط الاشتباك العصبي في الدماغ، لكنها لم تتمكن من تفسير بقاء الذكريات رغم تلف هذه الجزيئات بمرور الزمن. أما في الدراسة الحديثة، فقد وجِد أن جزيء KIBRA يتفاعل مع نقاط الاشتباك العصبي عند تكوين الذكريات الجديدة، ويعمل على تثبيتها من خلال التعاون مع بروتين PKMz، الذي يعزز هذه الروابط العصبية ويقوّيها. وأشار الفريق إلى أن هذا التفاعل بين KIBRA وPKMz يشكّل أساس الذاكرة طويلة المدى، مؤكدين أن زيادة نشاط PKMz في التجارب السابقة أعادت إحياء ذكريات ضعفت مع مرور الزمن.
آلية تثبيت الذاكرة طويلة الأمد
أوضح الفريق أن هذا الاكتشاف يمثل ثمرة أربعة عقود من البحث في آليات تخزين الذكريات البشرية. وأشار إلى أن التفاعل بين KIBRA وPKMz يشكّل الأساس لفهم الذاكرة الطويلة الأمد وكيفية تثبيت الروابط العصبية. وذكروا أن زيادة نشاط PKMz في تجارب سابقة أعادت إحياء بعض الذكريات التي ضعفت مع مرور الزمن، مما يعزز الأمل في تطوير علاجات جديدة لاضطرابات الذاكرة مثل الزهايمر وأمراض الشيخوخة العصبية.
تشير النتائج إلى أن آلية KIBRA وPKMz قد تشكل حجر الأساس للذاكرة الطويلة الأمد وتثبيت الروابط العصبية. يؤكد الباحثون أن تعزيز نشاط PKMz في تجارب سابقة قد يعيد تقوية الذكريات وإحيائها من جديد. وتبرز هذه النتائج أهمية البحث في فهم آليات التثبيت وكيفية تحويل الذكريات إلى ذاكرة طويلة المدى يتم الاعتماد عليها مستقبلاً.
آفاق وتأثيرات مستقبلية
تشير التوقعات إلى إمكانية تطوير علاجات جديدة لاضطرابات الذاكرة، لكن التطبيق في البشر يتطلب فهمًا أعمق وتقييم مخاطر. ينبغي تقييم آليات استهداف مسارات KIBRA وPKMz وتحديد أساليب آمنة وفعالة لتحفيزها في الدماغ. تتطلب النتائج إجراء مزيد من الدراسات في نماذج حية وبفترات زمنية أطول لفهم أثرها على الذاكرة الطويلة المدى وتحديد حدودها العلاجية.
تظل النتائج خطوة مهمة نحو فهم أعمق لقدرة الدماغ على تخزين الذكريات، وتفتح الباب أمام إمكانات علاجية محتملة لاضطرابات الذاكرة، لكنها تحتاج إلى مزيد من البحث قبل تطبيقها سريريًا. كما تتطلب الخطوات التالية توجيه العمل البحثي نحو تقييم سلامة وفعالية استهداف مسارات KIBRA وPKMz في البشر. يبقى المجال مفتوحًا أمام دراسات إضافية لاستكمال الصورة وتحديد أفضل السبل لتقوية الذاكرة على المدى الطويل بشكل آمن وفعّال.


