أظهرت دراسة أن التعرض المتكرر لموجات الحر يسرّع شيخوخة الإنسان بدرجة تقارب الضرر الذي يسببه التدخين أو سوء التغذية أو قلة التمارين، ولو بدا ارتفاع العمر البيولوجي محدودًا ولم يتجاوز عامين حسب ملاحظات العلماء، فإن البحث يدرس تأثير موجات الحر على مدى حياة الإنسان.
تفاصيل الدراسة
تابع الباحثون 25 ألف شخص في تايوان على مدار 15 عامًا، وقاسوا تعرضهم لموجات الحر وقارنوها بعمرهم البيولوجي الذي استُنتج من فحوص طبية شملت ضغط الدم ومؤشرات الالتهاب والكوليسترول، إضافة إلى وظائف الرئة والكبد والكلى. نُشر البحث في مجلة علمية مرموقة، وأشار قائد الفريق إلى أن التعرض المتراكم لعقود قد يؤدي إلى آثار صحية أكبر مع تزايد طول وتواتر موجات الحر، خاصة مع مستويات الاحتراق الأحفوري القياسية في 2024.
نتائج وملاحظات مهمة
وجد الباحثون أن عدد أيام موجات الحر الإجمالي كان له التأثير الأكبر على تسريع الشيخوخة؛ فمثلاً ارتبطت أربعة أيام إضافية من موجات الحر خلال عامين بزيادة تقريبية تسعة أيام في العمر البيولوجي، وتأثّر العمال اليدويون أكثر فزادت أعمارهم البيولوجية بنحو 33 يومًا. وأكد الباحثون أن العمر البيولوجي المرتفع يرتبط بزيادة خطر الوفاة.
أرجع الباحثون السبب المحتمل إلى تلف في الحمض النووي، ولاحظوا أن التأثير الضار تراجع قليلاً مع الزمن ما يشير إلى اتباع الناس تدابير تكيّف مثل التقيّد بالظل أو استخدام التكييف، مع بقاء التأثير كبيرًا.
شملت الدراسة مشاركين ضمن نظام رعاية صحية مدفوع الأجر وكانوا في المتوسط أصغر سنًا وأكثر صحة وتعليمًا من عامة السكان الأشد عرضة للحر، لذلك قد تكون التقديرات في الدراسة أقل من الواقع. وأُخذت عوامل مثل الوزن والعادات التدخينية وممارسة الرياضة والأمراض السابقة واستخدام التكييف على مستوى الحي في الحسبان، لكن لم تتوفر بيانات كافية عن وقت البقاء في الهواء الطلق أو برودة المساكن أو استخدام مكيفات فردية، مما يستدعي مزيدًا من البحث.
أزمة المناخ وآثار طويلة الأمد
حذّر العلماء من أن ارتفاع وتكرار درجات الحرارة بسبب أزمة المناخ قد يسبب أضرارًا واسعة وطويلة الأمد لصحة مئات الملايين أو المليارات. وكانت موجات الحر معروفة بتسبّبها بزيادة مؤقتة في حالات الوفاة المبكرة (مثل نحو 600 حالة وفاة مبكرة سجّلت في موجة حر خلال يونيو في إنجلترا)، وأظهرت دراسات سابقة في 2024 أن التعرض للحر في مراحل مبكرة من الحياة يؤثر سلبًا على نمو المادة البيضاء في دماغ الأطفال. ومع الاكتشاف الجديد بأن موجات الحر تسرّع الشيخوخة لدى البالغين، تبيّن أن تأثير الحرارة يمكن أن يحدث في أي عمر وقد يستمر مدى الحياة.