أظهرت دراسة أجراها باحثون بكلية طب الأسنان بجامعة نيويورك أن نحو ثلاثة من كل أربعة بالغين يعانون من قدر من الخوف من زيارة طبيب الأسنان، إذ شمل الاستطلاع 1003 بالغا من الولايات المتحدة وتمثيلهم حسب العمر والجنس والعرق والتعليم والمنطقة ودخل الأسرة، وأفاد 72.6% بوجود خوف بدرجات متفاوتة، منها 45.8% خوف متوسط و26.8% خوف شديد.
أشار تقرير نشرته مصادر طبية متخصصة إلى أن الخوف من طبيب الأسنان شائع، ومع ذلك أبدى معظم المصابين به اهتمامًا بعلاج يساعدهم على التغلب عليه.
يتجنب كثير من القلقين عن زيارة طبيب الأسنان الفحوصات والتنظيفات والوقاية الروتينية، ويذهبون فقط عند حدوث ألم أو مشكلة، مما يخلق حلقة مفرغة تزيد المخاطر على صحة الفم وتولّد المزيد من الألم والالتهابات ومن ثم تعمّق الخوف.
قال ريتشارد هيمان، أستاذ في مركز طب الأسنان بجامعة نيويورك، إن الفهم الأفضل لمصدر الخوف وسبل زيادة فرص حصول المرضى على علاجات فعالة يَعِدُ بتحسين الصحة الفموية والصحة العامة.
سأل الباحثون الأشخاص ذوي الخوف المتوسط أو الشديد عن مدى اهتمامهم بعلاج قصير ومجاني يمكن إجراؤه من المنزل، فعبّرت أغلبية المشاركين بنسبة 71.2% عن اهتمامها، بينما برّر غير المهتمين موقفهم بالشك في فعالية العلاج أو الرضا عن طرق التأقلم الحالية أو ضيق الوقت.
أوضح هيمان أن الخوف من طبيب الأسنان قابل للعلاج، لكن قلة من المتخصصين يتلقون تدريبًا كافيًا، وأن العلاجات القصيرة والافتراضية عبر تطبيقات والرعاية الصحية عن بُعد قادرة على الوصول إلى عدد كبير من الناس بغض النظر عن موقع سكنهم. وطور فريقه برنامجًا يسمى Dental Fearless يعتمد على تطبيق وجلسات تطبيب عن بُعد عند الحاجة ويستخدم مبادئ العلاج السلوكي المعرفي واليقظة الذهنية، وفي دراسة تجريبية أفاد نصف المشاركين بأن خوفهم اختفى بعد إكمال البرنامج، ويجري حاليًا تقييمه في تجربة سريرية.
دور الذاكرة في الخوف من طبيب الأسنان
لاحظ الباحثون أن أكثر من نصف الذين يعانون من خوف شديد ذكروا تجارب سلبية مع رعاية الأسنان غالبًا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، فتبقى هذه الذكريات حية ومؤثرة مدى الحياة.
قالت كيلي دالي، مساعدة باحثة في مجموعة أبحاث الترجمة العائلية بكلية طب الأسنان، إن ذكريات الألم والتعاملات السلبية مع أطباء الأسنان —بما في ذلك سلوكيات قديمة لم تعد مقبولة مثل وضع اليد على فم الطفل لمنعه من الحركة— تركت لدى بعض المرضى شعورًا بأن الأطباء غير جديرين بالثقة أو أنهم لم يُستمع إليهم أو لم يُؤخذ شكهم بعين الاعتبار، أو أن الأطباء أوصوا بعلاجات غير ضرورية. وأوضحت دالي أن هذه الدروس تبرز أهمية التواصل الصريح والمفتوح بين مقدمي الرعاية والمرضى لتجنب تجارب سلبية مماثلة والحفاظ على صحة الفم مدى الحياة.